“اليوم وُلدت من جديد”.. الأسير الفلسطيني إياد عفانة يروي لحظة الحرية بعد 19 شهرًا من الاعتقال

“اليوم وُلدت من جديد”، بهذه الكلمات اختصر الأسير الفلسطيني المحرر إياد عفانة إحساسه بالحرية، بعد نحو 19 شهرًا من الاعتقال في السجون الإسرائيلية، وسط ما وصفه بأنها “ظروف قاسية وغير إنسانية”.
في ساحة استقبال الأسرى المحررين داخل مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، احتضن عفانة والدته وإخوته وسط دموع الفرح التي اختلطت بذكريات المعاناة، في مشهد مؤثر أعاد إلى الأذهان ثمن الحرية في زمن الحرب والحصار.
من الاعتقال إلى الحرية
اعتقل الجيش الإسرائيلي عفانة في مارس/آذار 2024 أثناء اقتحام مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، في واحدة من أكثر الحملات التي أثارت تنديدًا دوليًا حينها.
وأُفرج عنه الاثنين ضمن صفقة تبادل الأسرى التي جرت بين إسرائيل وحركة حماس في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ووفق بيان مشترك لـ هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، أفرجت إسرائيل بموجب الصفقة عن 1968 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 250 محكومون بالمؤبد و1718 من أسرى غزة الذين اعتُقلوا بعد اندلاع الحرب، في مقابل إفراج حماس عن 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء وتسليم جثامين 4 آخرين.
فرحة ممزوجة بالوجع
قال عفانة للأناضول:
“أشكر الله الذي منّ علينا بلحظة الحرية هذه.. اليوم كتب لي تاريخ ميلاد جديد، بعد شهورٍ من القهر والعذاب”.
لكن فرحته لم تكتمل — إذ لا يزال شقيقه جهاد قابعًا في السجون الإسرائيلية، ولم تشمل الصفقة الإفراج عنه، كما لم يوضح ظروف اعتقاله.
ظروف قاسية وتعذيب ممنهج
روى عفانة بصوت متأثر أن الأسرى الفلسطينيين، خاصة من غزة، تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب بعد 7 أكتوبر 2023، قائلاً:
“كنا نموت كل يوم مئة مرة من شدة القهر والجوع والبرد والحرمان”.
وأشار إلى أن أسرى غزة لم يتلقوا أي زيارات من المؤسسات الحقوقية خلال فترة اعتقالهم، بينما أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أغسطس/آب الماضي أن إسرائيل ما تزال تمنع طواقمها من زيارة الأسرى الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب.
وفي المقابل، ذكرت هيئة الأسرى أنها تمكنت في مايو/أيار الماضي من إجراء زيارة قانونية محدودة لبعض أسرى غزة في قسم “ركيفت” تحت سجن الرملة، وهو القسم الذي خصصته إسرائيل للمقاتلين الذين تصفهم بـ”غير الشرعيين”.
ودعا عفانة المؤسسات الدولية إلى التحرك العاجل لزيارة السجون الإسرائيلية ومراقبة ما وصفه بـ”انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم حرب”.
غياب الرعاية الصحية
كشف عفانة عن تدهور الوضع الصحي للأسرى داخل السجون قائلاً:
“لا علاج هناك.. من يمرض يموت ببطء”.
وأشار إلى أن إدارة مصلحة السجون تتعمّد الإهمال الطبي و”تترك المرضى يواجهون مصيرهم دون دواء”، وهي ممارسات وثّقتها تقارير حقوقية فلسطينية ودولية عدة.
وأكد نادي الأسير الفلسطيني في تقارير سابقة أن الإهمال الطبي “سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادة المعتقلين وقتلهم ببطء”.
الأمل رغم الدمار
ورغم الإرهاق البادي على وجهه، ختم عفانة حديثه بتفاؤل قائلاً:
“الأسير سيخرج، والدمار سيُعاد إعمارُه.. نحن باقون على هذه الأرض مهما طال الليل”.
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدء المرحلة الثانية من خطته لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدًا أن “تقدمًا هائلًا” سيُحرز بعد قمة شرم الشيخ التي عُقدت الاثنين بمشاركة مصر وقطر وتركيا.
وبحسب الخطة التي تم التوصل إليها في 9 أكتوبر، تُعد المرحلة الحالية مقدمة لمسار أوسع يشمل وقف الحرب، وتبادل الأسرى، وإعادة إعمار القطاع.
وخلال عامين من الحرب، تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في مقتل 67 ألفًا و869 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 170 ألفًا آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة، بينما تواصل الأمم المتحدة التحذير من كارثة إنسانية غير مسبوقة.