نتنياهو يناور في تنفيذ اتفاق غزة خوفًا على مستقبله السياسي.. وواشنطن تضغط لاستكمال المراحل المقبلة

يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى إبطاء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، عبر التمسك بقضية جثامين الأسرى الإسرائيليين، التي يحاول توظيفها كورقة ضغط سياسية للحفاظ على مستقبله، فيما تؤكد الولايات المتحدة عزمها على المضي قدمًا في تنفيذ الاتفاق حتى مراحله النهائية، بحسب محللين.
ففي الوقت الذي تواصل فيه المقاومة الفلسطينية عمليات البحث عن الجثامين داخل القطاع بإمكانات محدودة، يصرّ نتنياهو – المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – على تحويل الملف إلى قضية إستراتيجية لتعطيل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأكد مكتب نتنياهو، في بيان السبت، أن معبر رفح سيظل مغلقًا حتى استعادة الجثامين، وذلك بعد إعلان السفارة الفلسطينية في القاهرة أن المعبر سيفتح الإثنين المقبل أمام العائدين إلى غزة.
لكن المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو كشف أن البيت الأبيض أكد إعادة فتح المعبر خلال الأيام الثلاثة المقبلة، وربما قبل وصول نائب الرئيس الأمريكي دي جي فانس إلى تل أبيب.
ومن المنتظر أن يزور فانس إسرائيل الإثنين، يعقبه صهر الرئيس دونالد ترامب جاريد كوشنر ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف خلال الأسبوع.
واشنطن “محبطة” من نتنياهو
وبحسب فرانكو، فإن الإدارة الأمريكية تشعر بإحباط متزايد من مماطلة نتنياهو، الذي يريد “المراوحة في مكانه وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق”.
وكان نتنياهو قد صرّح في مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية بأن الحرب “لن تنتهي قبل نزع سلاح حركة حماس”، ما أثار انزعاجًا في واشنطن التي تعتبر أن “المرحلة الأولى من الاتفاق قد انتهت عمليًا”.\
من جهته، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن نتنياهو يحاول التوقف عند ما تحقق خلال الأيام الماضية لتفادي التزامات المراحل التالية، موضحًا أن قضية الجثامين لا تبرر تعطيل الاتفاق، لأنها “مسألة لوجستية قد تستغرق وقتًا طويلًا في أي صراع”.
وأشار مصطفى إلى أن ربط فتح معبر رفح وإدخال المساعدات بملف الجثامين “يُعد محاولة إسرائيلية للضغط على المقاومة والوسطاء وحتى واشنطن لترتيب المرحلة المقبلة وفق شروط نتنياهو”، الذي يسعى إلى نزع سلاح حماس وفرض قوة دولية “بمقاسه”.
وأضاف أن إسرائيل تخشى من مشاركة قوات تركية في القوة الدولية المحتملة داخل القطاع، معتبرة أن “أنقرة باتت تمثل خطرًا إستراتيجيًا على تل أبيب بعد حضورها العسكري في سوريا”.
ترامب يربط مستقبله السياسي بالاتفاق
وبحسب فرانكو، فإن نتنياهو سيواجه ضغوطًا أمريكية غير مسبوقة خلال زيارات فانس وكوشنر وويتكوف، لأن الرئيس دونالد ترامب يعتبر تنفيذ الاتفاق عنصرًا حاسمًا في مستقبله السياسي.
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أن زيارة فانس “تعكس رغبة ترامب في ضمان استكمال الاتفاق”، فيما ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن ضباطًا أمريكيين سيقيمون مركز قيادة في غلاف غزة لإدارة فرق البحث الدولية عن الجثامين.
المقاومة تحذر من المماطلة
في المقابل، قال مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون إن نتنياهو “يريد وقف الاتفاق عند النقطة الحالية دون فتح المعابر أو إدخال المساعدات”، مشيرًا إلى أن المرحلة الثانية تتضمن استحقاقات سياسية قد تُهدد مستقبله.
ودعا المدهون الوسطاء إلى الضغط على إسرائيل لوقف استخدام المساعدات وسلاح المعابر كورقة ابتزاز.
أما مدير مركز عدالة الحقوقي حسن جبارين، فاعتبر أن الحكومة الإسرائيلية الحالية عاجزة عن الانتقال إلى المرحلة الثانية بسبب تناقضات داخلية، إذ ترى القوى اليمينية فيها أن “الانسحاب من غزة خسارة سياسية، والبقاء فيها يمنح حماس فرصة لإعادة بناء قوتها”.
وأضاف أن إسرائيل تواجه مأزقًا سياسيًا قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، إذ فشلت في تحقيق “صورة النصر المطلق” بعد عامين من الحرب، ولم تنجح في القضاء على حماس أو تهجير سكان غزة، مما يجعل اتفاق وقف النار نفسه يمثل معضلة وجودية لحكومة نتنياهو.