
بينما أصعد سلم العُلى، هناك من يحاولون اللعب بأطرافي، يرمون حجارة صغائر، ويطلقون همسات فارغة عن السقوط.
هؤلاء، أقزام في عقولهم وأقزام في نفوسهم، يظنون أن ضجيجهم قادر على إيقافي، أو على تشويه مَن ينهض فوق قياساتهم الصغيرة.
لكن العلو لا يُقاس بالكلام، ولا بالغياب عن الفعل، بل بما يزرعه الإنسان في ذاته من حقيقة لا يطالها الصغار.
الأقزام هؤلاء لا يملكون سوى الإيحاءات والثرثرة، يحاولون بسط نفوذهم عبر الفوضى، لكن كل تحركهم يفضح ضآلة روحهم، وتفاهة أهدافهم.
حين يحاول التافهون تشويه السمعة، لا يكونون إلا مرآة للعجز، صدى لعالم محدود، يفتقد إلى معنى، ويختفي خلف غرورٍ هش.
هم يركضون خلف الظلال، بينما من ينهض للأعلى يعرف أن الضوء لا يلمسه إلا من صعد بخطوة ثابتة.
العلو الحقيقي لا يُقاس بمقدار الكلام الذي يقال عنك، بل بكمية الفعل الذي تُنجزه.
من يحيط بك من ضجيج الأقزام، يتمنى أن ترى الآخرين ما لا يراه إلا عيونهم الصغيرة، أن يهتزّوا أمام وهم مؤقت، لكن العُلى صامد، لا تعرفه أقدامهم المبتذلة، ولا تستطيع أي كلمات تافهة أن تهزه.
هناك سحر في الصعود وحده: كل خطوة تضيف ثقلًا من الحقيقة، كل نجاح يبعد عنك هامشًا من التشويش، وكل صمت مدروس يفضح من كانوا يظنون أن ضوضاءهم لها أثر.
الفعل أبلغ من أي كلمة، والعمل أصدق من أي غيبة، والارتفاع فوق الصغيرة هو أرقى ردّ على الصغائر.
حين تشاهد الأقزام وهم يحاولون العبث، تشعر بوضوح أنهم مجرد زائغين في عالمك، يحاولون أن يتركوا أثرًا، بينما أنت، في طريقك للأعلى، تتجاوز ضحالتهم، وتستعيد طاقتك، وتحوّل كل هجمة إلى مادة للارتقاء.
لا مكان لديهم بينك وبين الطموح، ولا قدرة لهم على إيقاف صعودك، لأن العلو لا يتقاس بالغياب عن الصغائر ولا بالنجاح الزائف، بل بالثبات على الحقيقة والقدرة على بناء ما لا يلمسه أحد إلا أنت.
ومن ينشد العُلى، يعرف أن صغار النفوس يختفون أمام الضوء. بينما هم يهرعون خلف غبار مؤقت، يتركك الهدوء، والعمل، والطموح، ليصبح الميدان كله لك.
كل محاولة تشويش تكشف عنهم، كل كلمة باطلة تسقطهم أكثر، وأنت، في صعودك، تصبح أكبر، وأوضح، وأكثر ضوءًا.
العلو ليس نهاية، لكنه بداية: بداية من يعرف قيمة نفسه، وقيمة ما يبنيه، وبداية من لا يلتفت إلى صغائر الأقزام، ولا يتراجع أمام ضجيجهم.
حين تعلو، يصبح كل صمت مدوٍ، وكل إنجاز صدى للأمل، وكل خطوة صعود رسالة لكل من حاولوا أن يلمسوك: لا يمكن للصغار أن يوقفوا الكبير