العالم العربيترجماتحوارات وتصريحات

لوموند الفرنسية : يزيد صايغ: خطة ترامب قد تخرج غزة من السيطرة الإسرائيلية لأول مرة منذ 1967

نشرت صحيفة لوموند الفرنسية، صباح الأحد 12 أكتوبر 2025، حوارًا مطولًا مع الباحث الفلسطيني يزيد صايغ، من مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، حول خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي تم اعتمادها كأساس لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير في قطاع غزة.
ورأى صايغ أن تنفيذ هذه الخطة بالكامل يمكن أن يجعل غزة “إقليمًا تحت حماية دولية”، أي أنها قد تخرج – لأول مرة منذ عام 1967 – من دائرة السيطرة الإسرائيلية المباشرة أو غير المباشرة.

غزة تحت إدارة دولية

وأوضح صايغ أن الخطة تتضمن نشر قوة أمنية دولية في قطاع غزة، ووضعه تحت وصاية هيئة حوكمة دولية تتولى إدارة الشؤون المدنية وإعادة تشغيل الاقتصاد وفتح القطاع على العالم الخارجي.
وأضاف أن مشاركة شخصيات مثل توني بلير وصهر ترامب جاريد كوشنر في صياغة المشروع تثير القلق، لكنها في الوقت نفسه تفتح احتمالات سياسية جديدة قد تغير وجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأشار الباحث إلى أن الخطة – إن نُفذت كما هي – يمكن أن تمنح غزة صفة الحماية الدولية، لتتحول إلى “مساحة لا تخضع للسيطرة الإسرائيلية”، مما يسمح للدول التي تعترف بفلسطين بالتعامل معها كأول قاعدة إقليمية فعلية للدولة الفلسطينية المنشودة.

مخاوف من عرقلة إسرائيلية

في المقابل، عبّر صايغ عن تشاؤمه من فرص تطبيق الخطة عمليًا، معتبرًا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفاءه من اليمين المتطرف “سيبذلون كل ما بوسعهم لمنع هذا السيناريو”، لأن خروج غزة من تحت السيطرة الإسرائيلية يمثل – من وجهة نظرهم – تهديدًا استراتيجيًا.

وأضاف أن المرحلة الثانية من المفاوضات ستكون “حاسمة”، لأنها تتعلق بتركيبة القوة الدولية ومهامها:
هل ستكون قادرة على منع الجيش الإسرائيلي من دخول المناطق التي انسحب منها؟
وهل ستتحكم بالحدود والمعابر، خصوصًا مع مصر، بما يتيح تدفق المساعدات والتجارة بحرية؟
وما إذا كانت ستراقب عملية نزع سلاح الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس والعشائر المحلية المسلحة؟

مستقبل حماس والسلطة الفلسطينية

وفي تقييمه لحركة حماس، قال صايغ إن الحركة “انتحرت” يوم 7 أكتوبر 2023، وأن فرص بقائها السياسي مرهونة بتخليها عن العمل المسلح وعودتها إلى طابعها الاجتماعي المحافظ كما كانت قبل الانتفاضة الأولى.
واعتبر أن استمرارها العسكري يعني تكرار الدمار في غزة، بينما التحول السياسي وحده يمكن أن ينقذ ما تبقى من القطاع.

أما حركة فتح، برأيه، فهي “جثة تسير على قدميها”، فقدت مشروعها الوطني منذ التسعينيات، حين أخفقت في استثمار اتفاق أوسلو لبناء قاعدة شعبية حقيقية، وتحوّلت لاحقًا إلى سلطة تعتمد على التنسيق الأمني مع إسرائيل وإيراداتها الضريبية.

نهاية الكفاح المسلح وبداية مرحلة جديدة

وأكد صايغ أن الكفاح المسلح لم يعد خيارًا واقعيًا منذ عقود، وأن ما تبقى منه لم يخدم سوى اليمين الإسرائيلي، إذ همّش الغالبية الفلسطينية التي شاركت في العصيان المدني خلال الانتفاضة الأولى.
ويرى أن “اللجوء إلى العنف” بات وسيلة داخلية للمنافسة على القيادة أكثر منه مقاومة فعلية للاحتلال.

ومع ذلك، أشار إلى أن نجاح خطة ترامب في وضع غزة تحت إدارة دولية يمكن أن يفتح الباب أمام تجديد الحياة السياسية الفلسطينية وتنظيم انتخابات شاملة تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية، تحت إشراف دولي يضمن الشفافية والتمثيل.

ضرورة الحفاظ على الزخم الدولي

وختم صايغ حديثه بالتأكيد على أن المجتمع الدولي، وخاصة الدول التي اعترفت بفلسطين، يتحمّل مسؤولية استثمار هذه اللحظة التاريخية.
وقال: “إذا تُركت غزة وحيدة، مدمرة ومنهكة، فسيكون المستقبل أكثر ظلمة مما هو عليه اليوم”، مشددًا على ضرورة أن تشمل الجهود أيضًا الضفة الغربية التي تشهد، بحسبه، “توسعًا استيطانيًا يهدف إلى تحويل الفلسطينيين إلى سكان أحياء مغلقة”.

📎 المصدر: صحيفة Le Monde الفرنسية – حوار أجراه بنجامين بارت مع الباحث يزيد صايغ، بتاريخ 12 أكتوبر 2025.
🔗 رابط النص الأصلي

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى