المغرب يؤسس لصناعة دفاعية محلية عبر مصنع جديد للمركبات المدرعة بشراكة هندية

انخرط المغرب بقوة في مسار توطين الصناعات الدفاعية، بإطلاقه أول مصنع لإنتاج مركبات مدرعة قتالية بقدرات محلية، في خطوة تعزز توجه المملكة نحو التحول إلى قوة إقليمية عسكرية وصناعية في شمال إفريقيا.
ففي 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، دشّن وزير الدفاع المغربي عبد اللطيف لوديي ونظيره الهندي راجناث سينغ، مصنعًا لإنتاج المركبات المدرعة القتالية في مدينة برشيد غربي المملكة، بشراكة مع شركة “تاتا أدفنسد سيستمز ليميتد” الهندية.
وقالت وزارة الدفاع المغربية، في بيان آنذاك، إن المصنع سيبدأ إنتاج مركبات WhAP 8×8 القتالية لفائدة القوات المسلحة الملكية، إضافة إلى التصدير نحو الأسواق الدولية ذات فرص النمو العالية.
مكونات محلية بنسبة 35 بالمئة
وأوضحت الوزارة أن المصنع سيعتمد في مرحلته الأولى على 35 بالمئة من المكونات المحلية، ترتفع تدريجيًا إلى 50 بالمئة بفضل الاستثمار في تدريب الكفاءات وإدماج الموردين الوطنيين.
يأتي المشروع ضمن خطة أوسع لتطوير الصناعات الدفاعية المغربية، التي تتكامل مع نجاحات سابقة في تصنيع السيارات والطائرات، وتستهدف خلق فرص عمل وتعزيز الاستقلال الدفاعي للبلاد.
ميزانية دفاع متزايدة
وفي سياق متصل، رفعت الحكومة المغربية ميزانية الدفاع إلى 15.7 مليار دولار لعام 2026، بزيادة قدرها 18 بالمئة عن موازنة عام 2025، وفق مشروع الموازنة المعروض على البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وتهدف الزيادة إلى اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة، ودعم تطوير الصناعة الدفاعية المحلية، بما يشمل إنشاء منطقتين صناعيتين مخصصتين للصناعات الدفاعية، صادقت عليهما الحكومة في يونيو/ حزيران الماضي.
تعاون استراتيجي مع “أفريكوم”
كما بحث الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع عبد اللطيف لوديي، مع قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) داغفين أندرسون، سبل توطيد التعاون العسكري، وتشجيع بروز صناعة دفاعية مغربية متطورة، وفق بيان رسمي.
شراكات متعددة لبناء قاعدة دفاعية
الخبير المغربي في الشؤون العسكرية عبد الرحمن مكاوي قال إن بلاده “فتحت برنامجًا كبيرًا للصناعة الدفاعية منذ سنوات”، من خلال شراكات مع الهند، الصين، إسرائيل، الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية، والبرازيل.
وأضاف أن الهدف هو تلبية الحاجات العسكرية المحلية، وتوفير فرص العمل، وتأمين الدفاع القومي، مؤكدًا أن الصناعات الدفاعية من أكثر القطاعات ربحية واستراتيجية في العالم.
صناعة دفاعية بثلاثة أهداف
من جهته، يرى الخبير العسكري محمد شقير أن انطلاق عمل المصنع الجديد يمثل اللبنة الأولى لتأسيس صناعة دفاعية متكاملة في المغرب، بعد استكمال الإطار القانوني وبناء البنية الصناعية اللازمة.
وأوضح شقير أن المملكة تتبنى استراتيجية ثلاثية تقوم على:
- خفض الكلفة المالية للواردات العسكرية،
- تحقيق الاكتفاء الذاتي الدفاعي،
- تصدير المعدات نحو الأسواق الإفريقية الصاعدة.
وأشار إلى أن المغرب يسعى لتلبية الطلب الإفريقي المتزايد على المعدات الدفاعية، مستفيدًا من علاقاته القوية مع دول القارة، ومن بيئة استثمارية وقانونية مشجعة.
ويؤكد خبراء أن هذه الخطوات تندرج ضمن رؤية المملكة للتحول إلى قوة إقليمية عسكرية وصناعية، قادرة على إنتاج وتصدير العتاد العسكري، معززة مكانتها في شمال وغرب إفريقيا، ومحققة مزيجًا من الاستقلال الدفاعي والتنمية الاقتصادية.




