العالم العربيترجمات

لوموند الفرنسية: خطر سقوط باماكو بأيدي الجهاديين يقترب ومالي مهددة بالتحول إلى “أفغانستان إفريقية”

حذّرت صحيفة «لوموند» الفرنسية في افتتاحيتها الصادرة صباح اليوم السبت، من أن سقوط العاصمة المالية باماكو بأيدي الجماعات الجهادية بات أمرًا واردًا، مؤكدة أن المجلس العسكري الحاكم في مالي بات عاجزًا عن حماية البلاد من التمدد المتسارع للجماعات المسلحة، وعلى رأسها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) التابعة لتنظيم القاعدة.

جهاديون يخنقون العاصمة ويسيطرون على الإمدادات

وقالت الصحيفة إن الجماعات الجهادية باتت تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي المالية، وتعمل منذ سبتمبر الماضي على خنق العاصمة باماكو من خلال استهداف شاحنات الوقود القادمة من السنغال وساحل العاج، وهي الشاحنات التي يعتمد عليها البلد في استيراد معظم احتياجاته من السلع والوقود.

وحذّرت «لوموند» من أن نقص الوقود يهدد حياة أكثر من 3 ملايين نسمة في العاصمة، كما يهدد بانقطاع التيار الكهربائي عن معظم المناطق، في وقت تتراجع فيه قدرة الحكومة على إدارة الأزمات.

مجلس عسكري مرتبك وتحالف مع مرتزقة روس

وأشارت الصحيفة إلى أن العقيد أسيمي غويتا، الذي يقود البلاد منذ انقلاب أغسطس 2020، والذي منح نفسه رتبة “جنرال” عام 2024، يعيش حالة من الارتباك والعجز، إذ أقال عددًا من كبار ضباط الجيش مؤخرًا بسبب “ضعف الأداء” دون أن ينجح في كبح الخطر المتصاعد.

وأضافت أن المجلس العسكري أغرق البلاد في عزلة دولية متزايدة، بعدما حلّ الأحزاب السياسية، وألغى الانتخابات، واعتقل المعارضين، وأغلق الأبواب أمام الإعلام المحلي والأجنبي، مشيرة إلى أن نظام غويتا بات يعتمد كليًا على المرتزقة الروس الذين استبدلوا عناصر مجموعة فاغنر بتشكيل جديد يسمى «فيلق إفريقيا» (Africa Corps)، الذي أنشأه الكرملين مؤخرًا.

ورغم هذا التحالف العسكري، تقول «لوموند» إن الجيش المالي ومرتزقته فشلوا في صدّ الجماعات المسلحة التي تزداد قوة وتنظيمًا في ظل انهيار مؤسسات الدولة وضعف الحوكمة.

فرض الشريعة وممارسات قمعية ضد النساء

وأوضحت الصحيفة أن الجهاديين باتوا يفرضون أنظمة قمعية على السكان في المناطق التي يسيطرون عليها، إذ أصدروا أوامر بفرض ارتداء الحجاب الكامل على النساء ومنع اختلاطهن بالرجال في وسائل النقل العامة، كما تم جلد نساء رفضن الانصياع لهذه التعليمات في الجنوب الشرقي من البلاد.

واعتبرت «لوموند» أن هذه التطورات تمثل نكسة كبيرة لقيم التسامح الديني التي كانت سائدة في مالي، مشيرة إلى أن الإسلام التقليدي الصوفي المنفتح الذي عُرفت به البلاد لعقود بات مهددًا بالاختفاء أمام صعود الفكر المتشدد.

تحذيرات من انهيار إقليمي واسع

وأكدت الصحيفة أن مالي اليوم تقف على حافة الانهيار الكامل، محذّرة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تحوّل البلاد إلى “أفغانستان إفريقية”، بكل ما يحمله ذلك من انعكاسات خطيرة على أمن واستقرار منطقة الساحل الإفريقي بأكملها، بما في ذلك دول الجوار مثل السنغال وساحل العاج والنيجر.

وأضافت أن فشل المجلس العسكري المالي في استعادة الأمن بعد أكثر من ثلاث سنوات من حكمه، جعل البلاد في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل التدخل الفرنسي عام 2013، الذي انتهى في 2022 بطرد فرنسا من مالي وسط توتر دبلوماسي كبير مع باماكو.

لوموند: المسؤولية تقع على عاتق العسكريين

وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالتأكيد على أن مسؤولية الفوضى التي تضرب مالي تقع بالكامل على عاتق المجلس العسكري، الذي انشغل بالحفاظ على سلطته بدلًا من معالجة الأزمة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، مشيرة إلى أن حكم العسكر، وتحالفهم مع المرتزقة الروس، وانغلاقهم على أنفسهم، يدفع مالي إلى طريق مظلم يهدد 25 مليونًا من سكانها.

واعتبرت «لوموند» أن ما يجري اليوم يشبه تكرارًا مأسويًا لتجربة أفغانستان قبل سيطرة طالبان، وأن انهيار باماكو، إذا حدث، سيكون كارثة إنسانية وجيوسياسية كبرى في قلب القارة الإفريقية.

المصدر لوموند الفرنسية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى