من مصر إلى إسطنبول.. أيمن نور يفتح البوابة الثقافية المصرية على العالم عبر المركز الثقافي المصري والمتحف الكبير

في لحظة تعيد رسم الخريطة الثقافية لمصر، تتجه الأنظار هذا الشهر إلى حدثين استثنائيين يجمعان بين عبقرية الماضي ورؤية المستقبل: افتتاح المركز الثقافي المصري في إسطنبول بقيادة الدكتور أيمن نور زعيم حزب غد الثورة
، وافتتاح المتحف المصري الكبير في الجيزة الأسبوع القادم، في مشهد يربط بين ضفتي النيل والبوسفور، ويعلن أن الثقافة المصرية بدأت مرحلة جديدة من الحضور العالمي.
أيمن نور.. فكرة تولد من ضوء
جاءت فكرة إنشاء المركز الثقافي المصري في إسطنبول كحلم بدأ في ذهن الدكتور أيمن نور منذ سنوات، ليجسّد إيمانه العميق بأن الثقافة هي القوة الناعمة الحقيقية لمصر، وأن رسالتها الحضارية لا يجب أن تتوقف عند حدود الجغرافيا.
ومن خلال هذا المشروع، أراد نور أن يعيد تقديم مصر للعالم من زاوية إنسانية وفكرية، تُبرز عمقها التاريخي وتنوّعها الثقافي، وتؤكد أن مصر باقية برسالتها رغم تغير الأزمنة والسياسات.
يقول أيمن نور في حديث سابق: “الثقافة ليست ترفًا، بل هي البوصلة التي تحفظ هوية الأمة حين تتغير الاتجاهات. من هنا كانت الفكرة: أن تُطلّ مصر على العالم من جديد، بوجهها المشرق، وعقلها المستنير.”
من النيل إلى البوسفور.. مولد منصة مصرية عالمية
المركز الثقافي المصري في إسطنبول – الذي جرى تدشينه رسميًا هذا الشهر – يُعد أول منصة ثقافية مصرية مستقلة تُدار برؤية مدنية معاصرة.
يحمل شعار “من النيل إلى البوسفور”، ليعبّر عن الامتداد الطبيعي للحضارة المصرية نحو الشرق، وعن التواصل الثقافي بين الشعوب لا بين الأنظمة.
يتكوّن المركز من ثلاث قاعات رئيسية تمثل ثلاث مراحل من الوعي المصري:
- قاعة الحضارة الفرعونية: وتضم مجسمات وتماثيل رمزية تُبرز فلسفة الخلود عند المصري القديم.
- قاعة الشخصيات المصرية المعاصرة: وتعرض صورًا وتماثيل رمزية لأبرز رموز الفكر والسياسة والفن في القرن العشرين والحادي والعشرين.
- قاعة الذاكرة البصرية: المخصصة لتاريخ الكاميرات المصرية القديمة وتطور الصورة كأداة لحفظ الذاكرة والوجدان الجمعي.
كما يشمل المركز صالة للمحاضرات والندوات، ومساحة للفنون التشكيلية والعروض المسرحية، ومعرضًا دائمًا للصور الفوتوغرافية تحت عنوان “مصر التي نحبها”.
رسالة ثقافية تتجاوز الحدود
يرى الدكتور أيمن نور أن المشروع ليس مجرد مركز ثقافي، بل جسر إنساني مفتوح بين مصر وتركيا والعالم.
ويهدف إلى تقديم الفن المصري بكل مدارسه، وإحياء الذاكرة الحضارية في وجدان الأجيال الجديدة من المصريين في المهجر، والتعريف بمصر بوصفها وطنًا للتعدد والتنوير.
المتحف المصري الكبير.. ذاكرة الأمة تفتح أبوابها
وفي الوقت نفسه، تشهد القاهرة الأسبوع القادم حدثًا تاريخيًا عالميًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير عند أقدام الأهرامات في الجيزة، ليكون أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة.
يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي تاريخ مصر عبر سبعة آلاف عام، من بينها مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة التي تُعرض لأول مرة منذ اكتشافها قبل قرن.
ويتصدر تمثال رمسيس الثاني البهو الرئيسي للمتحف بارتفاع 11 مترًا ووزن يتجاوز 80 طنًا، في مشهد يرمز لقوة الحضارة المصرية وخلودها.
تبلغ تكلفة إنشاء المتحف نحو مليار دولار، فيما تمتد مساحته على أكثر من 480 ألف متر مربع، ويضم “السلم العظيم” الذي يعرض تماثيل ضخمة تحكي مراحل التاريخ المصري من الدولة القديمة إلى العصر البطلمي.
المتحف مزوّد بأحدث تقنيات العرض والإضاءة، ويضم مركزًا للترميم يُعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، إضافة إلى مكتبة أكاديمية عالمية في علوم المصريات.
التكامل بين الداخل والخارج
المتحف المصري الكبير والمركز الثقافي المصري في إسطنبول ليسا مشروعين منفصلين، بل وجهان لرؤية واحدة:
أن الثقافة المصرية هي ميراث عالمي، ورسالة لا تنطفئ.
فبينما يعيد المتحف في الجيزة رسم الذاكرة الحضارية على أرض مصر، يمدّ أيمن نور من إسطنبول أذرع الحوار نحو العالم، مؤكدًا أن مصر الجديدة تبني قوتها الناعمة بالعلم والفن والجمال.
بهذا التكامل، تعود مصر إلى موقعها الطبيعي — قلب الحضارة الإنسانية — من خلال ثقافة تصنع الوعي وتزرع النور.







