مخاوف روسية من تشدُّد أميركي في ملف أوكرانيا وتأجيل قمة بوتين–ترامب يزيد التوتر
تتنامى مخاوف موسكو من تشدد الموقف الأمريكي في الملف الأوكراني، خاصة بعد تأجيل القمة المرتقبة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على عودة التوتر بين القوتين العظميين إلى ذروته بعد محاولات متكررة لإعادة قنوات الحوار.
الدولة العميقة تعرقل التقارب
يرى الخبير في مركز أبحاث الأمن في موسكو، كونستانتين بلوخين، أن هناك قوى داخل الولايات المتحدة – وصفها بـ”الدولة العميقة” – تسعى لإفشال أي تقارب بين واشنطن وموسكو، مضيفاً أن هذه الجهات تعمل على تعطيل المفاوضات وتعميق الخلافات بين البلدين.
ومع ذلك، يؤكد بلوخين أن روسيا ما تزال منفتحة على بدء مفاوضات شاملة مع الجانب الأمريكي تشمل القضايا الاقتصادية والإستراتيجية، مع التركيز على ضمان حيادية أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
قنوات اتصال جديدة بين موسكو وواشنطن
من جانبه، أكد نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، هينو كلينك، أن إدارة ترامب لا تزال ملتزمة بجمع موسكو وكييف على طاولة مفاوضات واحدة للوصول إلى اتفاق سلام دائم ينهي الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
وكشف كلينك عن زيارة مبعوث روسي خاص إلى واشنطن مؤخراً، موضحاً أن هذه الزيارة فتحت قناة اتصال رسمية بين الجانبين تمهيداً لعقد قمة جديدة بين ترامب وبوتين خلال الأشهر المقبلة.
إخفاق قمة ألاسكا وتأجيل اللقاء الجديد
ويأتي هذا التطور بعد قمة ألاسكا التي عقدت في أغسطس الماضي بين وفود رفيعة من البلدين دون أن تسفر عن نتائج ملموسة، ما عزز القناعة لدى واشنطن بأن موسكو لا تبدي مرونة كافية تجاه الحلول السياسية.
وبحسب مسؤولين أمريكيين سابقين، فإن تأجيل القمة الجديدة جاء نتيجة “خيبة أمل متزايدة” من الموقف الروسي، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا وعدم التزام موسكو بخطوات واضحة لوقف إطلاق النار.
موسكو تراهن على الوقت والانقسام الغربي
وأوضح أستاذ العلوم السياسية زياد ماجد أن موسكو تحاول استثمار أي تباين في المواقف بين واشنطن والعواصم الأوروبية، مشيراً إلى أن روسيا تتعامل بمرونة لفظية مع الولايات المتحدة لكنها تتخذ موقفاً أكثر تشدداً تجاه أوروبا التي تواصل تقديم الدعم العسكري لكييف، بما في ذلك صفقة طائرات سويدية ومقاتلات فرنسية.
وأضاف ماجد أن روسيا تراهن على كسب الوقت والمناورة السياسية قبل القمة المرتقبة بين ترامب والرئيس الصيني في نهاية أكتوبر الجاري، والتي ستتضمن ملف أوكرانيا ضمن جدول أعمالها.
ضغوط اقتصادية متصاعدة على روسيا
وفي الوقت الذي تسعى فيه موسكو لتثبيت موقفها التفاوضي، فرضت واشنطن عقوبات جديدة على أكبر شركتين روسيتين في قطاع النفط بهدف تقليص العائدات الروسية من الطاقة والحد من قدرتها على تمويل الحرب.
أما أوروبا، فتواصل تحمل العبء الأكبر من الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا في مواجهة موسكو.
مستقبل غامض للعلاقات بين القوتين
يرى مراقبون أن نجاح أي مفاوضات مستقبلية بين موسكو وواشنطن سيعتمد على مدى قدرة الجانبين على تجاوز الضغوط الداخلية والإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة.
وفي حال فشل تلك الجهود، قد تعود العلاقات إلى مرحلة مواجهة باردة جديدة، تتجاوز حدود الصراع الأوكراني إلى إعادة رسم خرائط النفوذ في أوروبا والعالم.




