العالم العربيمصر

العاهل الأردني: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لتدريب الأمن الفلسطيني بالتعاون مع مصر

الملك عبد الله الثاني: الدمار في غزة صادم.. والمجتمع الدولي سمح بحدوث مأساة لا يمكن تصديقها

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن بلاده لن ترسل قوات إلى قطاع غزة، لكنه أعرب عن استعداد الأردن لتدريب قوات الأمن الفلسطينية بالتعاون مع مصر، في إطار دعم الجهود الرامية إلى تثبيت الأمن بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس”.

جاءت تصريحات الملك عبد الله في مقابلة مع قناة “بي بي سي” البريطانية، نُشرت الاثنين، ونقلتها وكالة الأنباء الأردنية “بترا”، تناولت مستقبل الوضع في غزة بعد الحرب الإسرائيلية المدمّرة، وفرص تحقيق السلام في المنطقة.

تدريب أمني لا تدخل عسكري

قال الملك عبد الله: “الأردن ومصر على استعداد لتدريب قوات الأمن الفلسطينية، لكننا لن نرسل قوات إلى غزة، لأن بلدنا قريب سياسيًا جدًا من التطورات هناك.”

وأوضح أن فكرة نشر قوات دولية داخل غزة يجب أن تُفرّق بين “فرض السلام” و”حفظ السلام”، قائلاً: “الدول سترفض أن يُطلب منها فرض السلام في غزة، إذا كان ذلك بموجب خطة ترامب، فهناك فرق كبير بين فرض السلام وحفظه.”

وأضاف: “نأمل أن تكون مهمة قوات الأمن داخل غزة حفظ السلام، لا فرضه، لأن أي مهمة تهدف إلى فرض السلام لن يرغب أحد في التورط فيها.”

وتابع العاهل الأردني: “حفظ السلام يعني دعم قوات الشرطة المحلية الفلسطينية التي ترغب الأردن ومصر في تدريبها بأعداد كبيرة، لكن ذلك يستغرق وقتًا.”

وأكد أن بلاده لن تشارك في أي دور عسكري مباشر داخل القطاع، قائلاً: “إذا كنا نجوب غزة في دوريات مسلحة، فهذا وضع لا ترغب أي دولة في التورط فيه.”

مستقبل السلام وتحديات الحل

وفي رده على سؤال بشأن قدرة حركة “حماس” على الوفاء بوعدها بالتخلي عن أي دور سياسي في غزة، قال الملك عبد الله: “لا أعرفهم، لكن من يعملون معهم عن قرب، مثل قطر ومصر، يشعرون بتفاؤل شديد بأنهم سيلتزمون بذلك.”

وأضاف: “إذا لم نحل هذه المشكلة، وإذا لم نجد مستقبلاً للإسرائيليين والفلسطينيين وعلاقة بين العالمين العربي والإسلامي وإسرائيل، فسنكون في مأزق.”

واعتبر الملك أن غياب الأفق السياسي سيقود المنطقة إلى حالة جمود خطيرة، مؤكداً ضرورة إيجاد صيغة واقعية تضمن coexistence بين الشعوب الثلاثة، وتُعيد الثقة في فرص السلام الدائم.

مشاهد ميدانية صادمة من غزة

وفي حديثه عن تجربة مشاركته في إنزالات جوية لإيصال المساعدات إلى غزة، وصف الملك عبد الله المشهد بأنه “صادم ومؤلم للغاية”، مضيفًا:

“لقد صدمني الدمار بغزة، رأيت ذلك بنفسي من الطائرة. كيف نسمح نحن كمجتمع دولي بحدوث هذا؟ إنه أمر لا يمكن تصديقه.”

وأعرب الملك عن أسفه لأن المجتمع الدولي تقاعس عن منع الكارثة الإنسانية التي شهدها القطاع خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب تحركًا جماعيًا حقيقيًا لإعادة الإعمار وضمان عدم تكرار المأساة.

الملكة رانيا: الأمل ليس سذاجة بل تحدٍ

من جانبها، أشادت الملكة رانيا العبد الله بجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، معتبرة أنه “أول رئيس أمريكي منذ فترة طويلة يمارس ضغطاً فعلياً على إسرائيل.”

وقالت في المقابلة نفسها مع “بي بي سي”:

“الأمل في السلام ليس ساذجاً، بل شكل من أشكال التحدي. أؤمن حقاً بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يمكنهم العيش جنباً إلى جنب.”

وأضافت الملكة رانيا أن السنوات الماضية جعلت الأمل يبدو بعيد المنال، لكنها شددت على أن اختيار الأمل في هذه الظروف الصعبة هو الطريق الوحيد الذي لا ينكر على الفلسطينيين حقوقهم ولا إنسانيتهم.

وانتقدت الملكة المجتمع الدولي “لفشله في وقف الحرب لمدة عامين”، مؤكدة أن ما جرى في غزة يمثل فشلاً أخلاقيًا جماعيًا يجب ألا يتكرر.

خلفية الاتفاق

يُذكر أن إسرائيل وحركة حماس توصّلتا في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أنهى حربًا إسرائيلية استمرت عامين وأسفرت عن 68 ألفًا و519 شهيدًا فلسطينيًا و170 ألفًا و382 مصابًا، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى دمار طال 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية في قطاع غزة.

ودخلت المرحلة الأولى من الاتفاق حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، متضمنة انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما يُعرف بـ”الخط الأصفر” وإطلاق سراح أسرى من الجانبين، بينما لم تُستكمل بعد تفاصيل المرحلة الثانية التي يفترض أن تتضمن نشر قوة دولية لحفظ السلام ونزع سلاح حماس وإنشاء جهاز إدارة انتقالي في غزة.

ختامًا

تصريحات العاهل الأردني وقرينته تعكس موقفًا عربيًا واضحًا يؤكد أن السلام لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالثقة والتفاهم، وأن إعادة إعمار غزة وإعادة الأمل للفلسطينيين تتطلب تحركًا سياسيًا وإنسانيًا متوازيًا يضع حدًا لحالة الانقسام والصراع المستمر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى