الجزائرالمغربالمغرب العربي

واشنطن تتمسك بسيادة المغرب الصحراء المغربية ومجلس الأمن يلوّح بتغيير في مقاربة النزاع

عاد ملف الصحراء المغربية إلى واجهة المشهد الدولي بزخم غير مسبوق، في ظل مواقف أميركية واضحة ومسودة قرار أممي جديدة تشير إلى تحول محتمل في مقاربة مجلس الأمن لهذا النزاع الممتد منذ نحو نصف قرن.

دعم أميركي ثابت

أكد مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون الإفريقية والعربية، أن موقف واشنطن من الصحراء المغربية “نهائي وغير قابل للنقاش”، موضحًا أن الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية قرار لا رجعة فيه.

من جانبه، كشف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن مساعٍ لإطلاق حوار مباشر بين المغرب والجزائر خلال الشهرين المقبلين، معتبرًا أن “حل هذا الملف سيكون بوابة لمصالحة أوسع في المنطقة المغاربية”.

ويرى مراقبون أن هذه المواقف تعكس رؤية إستراتيجية أميركية ترمي إلى ترسيخ الاستقرار في شمال إفريقيا، في ظل تنافس متصاعد بين واشنطن وموسكو وبكين على النفوذ في القارة.

مسودة قرار أممي جديدة

تشير مسودة قرار مجلس الأمن الدولي المرتقبة نهاية الأسبوع إلى توجه جديد في آلية التعامل مع الملف، إذ تنص على تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة 3 أشهر فقط بدلًا من سنة، في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة الحوار السياسي.

كما تدعم المسودة الحل السياسي الواقعي القائم على التوافق، في إشارة واضحة إلى مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب عام 2007، والتي تحظى بتأييد متزايد داخل الأمم المتحدة.

ويقرأ محللون هذا التطور باعتباره محاولة أممية لإخراج الملف من الجمود ودفع الأطراف، خصوصًا الجزائر، نحو مقاربة أكثر مرونة وانخراطًا في العملية السياسية.

دعوة ملكية للحوار

وكان الملك محمد السادس قد جدّد في أكثر من مناسبة الدعوة إلى “حوار صريح ومسؤول” مع الجزائر لتجاوز الخلافات، مؤكدًا أن الحل يجب أن يكون “توافقيًا لا غالب فيه ولا مغلوب”.

وكشف المستشار الأميركي بولس أن الجزائر أبدت انفتاحًا مبدئيًا على الحوار، في مؤشر على تحول تدريجي في خطابها الرسمي تجاه الملف.

قراءة تحليلية

يرى عباس وردي، مدير المجلة الإفريقية للسياسات العامة، أن المرحلة المقبلة محكومة بثلاثة مؤشرات أساسية:

  1. سيادة المغرب غير قابلة للنقاش، باعتبارها مسألة حسمتها الشرعية الدولية.
  2. مشروع الحكم الذاتي هو الحل الواقعي الذي أجمعت عليه القوى الكبرى.
  3. سياسة اليد الممدودة التي يصرّ عليها المغرب بروح دبلوماسية هادئة تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف.

وأشار وردي إلى أن المسودة الأممية تحمل “توليفة أميركية دقيقة” تهدف إلى تسريع التسوية السياسية بعد أكثر من خمسة عقود من التعثر، معتبرًا أن استمرار النزاع “لم يعد مقبولًا لدى المجتمع الدولي”.

نحو مرحلة جديدة في العلاقات المغاربية

تتجه المنطقة المغاربية، بحسب المراقبين، نحو مرحلة انفراج محتملة مبنية على منطق “الربح المشترك” لا “الغالب والمغلوب”، في ظل إدراك متزايد بأن التعاون بين المغرب والجزائر أصبح ضرورة لمواجهة تحديات الأمن الإقليمي والهجرة والإرهاب في الساحل الإفريقي.

ويخلص وردي إلى أن “المغرب والجزائر لا يمكنهما الاستمرار في القطيعة”، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة قد تشهد بداية مسار سياسي جديد برعاية أميركية وأممية يعيد رسم ملامح الاستقرار في شمال إفريقيا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى