العالم العربيفلسطين

استقالة المدعية العسكرية الإسرائيلية تُشعل أزمة داخلية بعد تسريب مشاهد تعذيب أسرى فلسطينيين

أشعلت استقالة المدعية العسكرية الإسرائيلية يفعات تومر يروشالمي موجة غضب واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية داخل إسرائيل، بعد أن نُسب إليها المساهمة في كشف جرائم ارتكبها جنود إسرائيليون، بعضها داخل سجن سدي تيمان سيئ الصيت بحق أسرى فلسطينيين.

وجاءت الاستقالة عقب إعلان الجيش الإسرائيلي فتح تحقيق جنائي على خلفية تسريب مقطع مصور يظهر جنودًا يعتدون بوحشية على أسير فلسطيني.

وأوضح الجيش أن التحقيق يشمل “تورط عناصر من النيابة العامة العسكرية” في تسريب المقطع الذي يعود إلى أغسطس/آب 2024، ويُظهر جنودًا ينهالون بالضرب على أسير مكبل داخل السجن، نُقل لاحقًا للعلاج من إصابات بليغة.

وأجمع سياسيون وعسكريون إسرائيليون على أن يروشالمي “ارتكبت خطأ فادحًا أضر بصورة الجيش”، فيما أقرت الأخيرة بأنها “تتحمل المسؤولية عن نشر مواد إعلامية في محاولة للرد على الدعاية الكاذبة ضد مسؤولي إنفاذ القانون العسكري”، بحسب ما نقلته صحف عبرية.

الجيش الإسرائيلي أصدر بيانًا قال فيه إن وزير الدفاع إسرائيل كاتس بحث مع رئيس الأركان إيال زامير اختيار المدعي العسكري الجديد، مؤكدًا أن المنصب يتطلب شخصية قادرة على “مواجهة التحديات الكبرى وفي مقدمتها حماية جنود الجيش”.

انتقادات حادة داخل المؤسسة الإسرائيلية

رأى رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت أن القضية “خطيرة للغاية وتقوض ثقة الإسرائيليين بقيادات الجيش”، داعيًا إلى تحقيق شامل.

أما زعيم حزب “أزرق أبيض” بيني غانتس، فاتهم يروشالمي بـ”الإضرار بثقة الجمهور في المؤسسة العسكرية والقضائية”، مطالبًا بتحقيق عاجل في ما سماه “قضية تمس مصداقية الجيش”.

في المقابل، حاول رئيس كتلة الديمقراطيين يائير غولان التقليل من خطورة فعلها، مشيرًا إلى أن “خطأ يروشالمي لا يُقارن بما يواجهه نتنياهو من اتهامات فساد”، قائلاً إن “من يُقِلّ يروشالمي يجب أن يُقيل نتنياهو أيضًا”.

أما النائب موشيه سعادة المقرب من نتنياهو فاعتبر أن “تسريب المقطع بعلم يروشالمي جريمة تستوجب المحاكمة”، وطالب بإلغاء رتبها العسكرية.

وذهب النائب أفيخاي بوارون إلى حد وصفها بأنها “أضرت بسمعة إسرائيل عالميًا”، مطالبًا بطردها من الخدمة.

كما دعا إعلاميون محسوبون على اليمين إلى تجريدها من الرتبة العسكرية فورًا حتى قبل انتهاء التحقيق، واعتبروا أن استقالتها لا تكفي “لتصحيح الإهانة التي لحقت بالجيش”.

تسريب يكشف فظائع في سجن سدي تيمان

المقطع الذي تسبب بالأزمة كشف عن ممارسات تعذيب داخل سجن سدي تيمان، الذي تحتجز فيه إسرائيل معتقلين من قطاع غزة. وقد أعادت الحادثة فتح ملف الانتهاكات داخل السجن، بعد تقارير متكررة عن قتل وتعذيب وحرمان من الرعاية الطبية.

وأكدت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا أن “التحقيق في التسريب يجري بمشاركة قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة”، دون تقديم تفاصيل إضافية بسبب سرية التحقيق.

وفي فبراير الماضي، وجهت النيابة العسكرية اتهامات لخمسة جنود بالاعتداء الوحشي على أسير فلسطيني في السجن ذاته، ما تسبب له بإصابات خطيرة.

كما كشف جندي سابق عن “فظائع مروعة” تمارس بحق المعتقلين، من بينها عمليات جراحية دون تخدير وقتل معتقلين تحت التعذيب.

ويقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال، يعانون أوضاعًا مأساوية وتنكيلًا ممنهجًا، فيما وثقت منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية عشرات حالات الوفاة نتيجة التعذيب والإهمال الطبي.

سياق أوسع من الانتهاكات

تأتي هذه التطورات بالتزامن مع ما تصفه منظمات دولية بـ”إبادة جماعية” ارتكبتها إسرائيل على مدار عامين في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفرت عن مقتل أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 170 ألفًا، معظمهم من النساء والأطفال، ودمار طال 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية، بتكلفة إعادة إعمار تُقدّر بنحو 70 مليار دولار.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى