ميدل إيست آي : نواب بريطانيون من مختلف الأحزاب يطالبون بفرض حظر على توريد الأسلحة للإمارات بسبب السودان

نواب سودانيون يطالبون باتخاذ إجراءات عاجلة بعد هجوم قوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات على الفاشر، وسقوط مئات القتلى والجرحى
تصاعدت الضغوط على الحكومة البريطانية بعد أن دعا نواب من عدة أحزاب إلى مراجعة عاجلة لمبيعات الأسلحة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، عقب تقارير عن استخدام معدات عسكرية بريطانية في الهجمات التي نفذتها ميليشيا الدعم السريع السودانية (RSF) في مدينة الفاشر شمال دارفور، والتي شهدت مجزرة مروّعة بحق المدنيين.
وقالت أحزاب الليبراليين الديمقراطيين والخضر، إلى جانب نواب من حزب العمال والتحالف المستقل والحزب الوطني الاسكتلندي، في تصريحات لموقع ميدل إيست آي يوم الجمعة، إنهم يطالبون الحكومة البريطانية بوقف فوري لمبيعات السلاح إلى الإمارات بعد الكشف عن تورط معدات بريطانية في النزاع السوداني. وكانت تقارير قد أظهرت في وقت سابق هذا الأسبوع العثور على معدات عسكرية بريطانية في أيدي مقاتلي الدعم السريع داخل مناطق القتال في السودان.
أسلحة بريطانية في أيدي ميليشيا ترتكب مذابح في يوم الأحد الماضي، سيطرت ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر بعد حصار دام أكثر من 500 يوم، حيث كان 260 ألف مدني محاصرين داخلها. وأعقبت السيطرة انتهاكات واسعة النطاق، إذ أظهر مقاتلو الميليشيا أنفسهم في مقاطع مصورة وهم ينفذون عمليات قتل جماعي للمدنيين الفارين، فيما ذكرت تقارير أنهم أعدموا 460 شخصًا داخل أحد المستشفيات. وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن مجلس الأمن الدولي تلقى هذا العام معلومات تفيد بأن الإمارات ربما زودت ميليشيا الدعم السريع بأسلحة مصنّعة في بريطانيا، رغم أن أبو ظبي تنفي دعمها للميليشيا. لكن الأدلة تتزايد على أن الإمارات تواصل تزويد الدعم السريع بأسلحة متطورة ومرتزقة من كولومبيا، وفق تقارير استخباراتية وإعلامية.
تحقيق يكشف خط الإمداد من الصومال إلى السودان وفي تحقيق نشره موقع ميدل إيست آي يوم الجمعة، كُشف أن قاعدة بوصاصو الجوية في الصومال تُستخدم لنقل شحنات من الإمارات إلى السودان. وقال شهود إن مقاتلين من الدعم السريع يتلقون العلاج في القاعدة نفسها، التي يتواجد فيها أيضًا مرتزقة كولومبيون.
دعت مونيكا هاردينغ، النائبة عن حزب الليبراليين الديمقراطيين والمتحدثة باسم الحزب لشؤون التنمية الدولية، الحكومة البريطانية إلى تعليق فوري لجميع مبيعات الأسلحة إلى الإمارات.
وقالت في تصريحها لـموقع ميدل إيست آي: “إن تجاهل حكومة حزب العمال للمطالب بوقف بيع المعدات العسكرية للإمارات — ما لم يكن هناك تأكيد مطلق بأنها لا تُستخدم في العنف الرهيب الذي ترتكبه ميليشيا الدعم السريع — سيكون مصدر قلق عميق للبريطانيين وللعالم أجمع.”
وأضافت:“أدعو وزيرة الخارجية لإعادة التفكير. علينا أن نوقف بيع الأسلحة البريطانية للإمارات فورًا، فالمعدات المصنّعة على أراضينا يجب ألا تنتهي في أيدي من يرتكبون مثل هذه الفظائع.”
كما قالت إيلي تشاونز، النائبة عن حزب الخضر والمتحدثة باسم الحزب في الشؤون الخارجية، إن على بريطانيا أن تتحرك بسرعة لوقف نزيف الدم وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وأضافت: “إذا تم العثور على معدات عسكرية بريطانية في أيدي ميليشيا الدعم السريع، فلا يمكننا أن نواصل العمل كالمعتاد. يجب تعليق جميع مبيعات الأسلحة للإمارات إلى أن تؤكد الحكومة بشكل علني أن الأسلحة البريطانية لا يتم تحويلها إلى السودان.”
“على بريطانيا استخدام قوتها الناعمة” وفي جلسة البرلمان يوم الثلاثاء، سُئلت وزيرة الخارجية البريطانية يفيت كوبر عمّا إذا كانت الحكومة ستعلق مبيعات الأسلحة للإمارات حتى يثبت أنها لا تزود ميليشيا الدعم السريع بالسلاح، لكنها تجنبت الإجابة المباشرة، مكتفية بالقول إن “بريطانيا لديها ضوابط صارمة للغاية على تصدير الأسلحة، وستواصل تطبيقها بجدية”. أما ابتسام محمد، النائبة العمالية وعضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، فقالت لـ ميدل إيست آي: “أشعر بالصدمة من استخدام أسلحة بريطانية الصنع لتغذية العنف والقتل الجماعي في السودان. يجب على بريطانيا أن تستخدم قوتها الناعمة لمواجهة الفظائع المتواصلة هناك على وجه السرعة.”
وأضافت: “بصفتنا الدولة المسؤولة عن ملف السودان في مجلس الأمن، علينا مراجعة كل صادرات الأسلحة التي قد تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في جرائم حرب. إنه واجبنا الأخلاقي والقانوني أن نضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار وإعادة المساعدات الإنسانية واحترام القانون الدولي.”
وتشير وثيقتان تم تقديمهما لمجلس الأمن الدولي في يونيو 2024 ومارس 2025 إلى أن بريطانيا واصلت منح تراخيص لتصدير معدات عسكرية إلى الإمارات، وتضمّنت صورًا لأجهزة تصويب صغيرة عُثر عليها في مواقع تابعة للدعم السريع في الخرطوم وأم درمان.
نواب حزب العمال: المصداقية الدولية على المحك قالت النائبة العمالية كيم جونسون إن الحكومة لا يمكنها “الادعاء بالدفاع عن حقوق الإنسان بينما تغضّ الطرف عن استخدام الأسلحة البريطانية في صراعات دامية”. وأضافت: “يجب على الحكومة أن تتخذ موقفًا أكثر صرامة وأن تعلق فورًا جميع صادرات الأسلحة إلى الإمارات بانتظار تحقيق كامل في كيفية وصول هذه المعدات إلى أيدي ميليشيا الدعم السريع. أي تقصير في ذلك سيقوّض مصداقيتنا الدولية ويجعلنا شركاء في العنف ضد الشعب السوداني.”
كما قال النائب العمالي عمران حسين إنه “يشعر بقلق عميق من التقارير حول المجازر والانتهاكات في دارفور”، مضيفًا أن على الحكومة أن تخضع صادرات السلاح لأعلى درجات التدقيق وأن تضمن ألا تساهم أي معدات بريطانية في “هذا العنف المروّع”.
دعوات اسكتلندية لاستعادة الرقابة على صادرات السلاح من جانبه، قال النائب عن الحزب الوطني الاسكتلندي كريس لو إن على الحكومة البريطانية فرض حظر سلاح شامل على الإمارات ردًا على هذه المخاوف.
وأضاف: “لو كانت الحكومة البريطانية جادّة فعلًا في استعادة الثقة بنظام مراقبة صادراتها العسكرية، فعليها إعادة تفعيل لجنة مراقبة صادرات السلاح (CAEC) ومنحها الصلاحيات الكاملة لمحاسبة أي تجاوزات.”
وكانت اللجنة قد حُلّت في مطلع عام 2024 بقرار من الحكومة المحافظة السابقة، بحجة أن مهامها أصبحت ضمن اختصاص لجنة الأعمال والتجارة. وأكد لو أنه يعمل حاليًا على التحقق من الإجراءات اللازمة لإعادة تأسيس اللجنة.
و قال النائب أيوب خان، عضو التحالف المستقل في البرلمان، إن ما كُشف هذا الأسبوع “يجب أن يدفع فورًا إلى مراجعة شاملة لصادرات السلاح إلى الإمارات”، مؤكدًا أن الضمانات الحكومية الحالية “لا تعمل”. وأضاف: “لقد حان الوقت لموقف حازم. تعليق صادرات السلاح إلى الإمارات هو الحد الأدنى إذا كانت بريطانيا تريد استعادة أي مظهر من المبادئ في سياستها الخارجية.”
أما النائب المستقل شوقت آدم فقال إن على بريطانيا أن “تتوقف فورًا عن تزويد أي طرف بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر مما يطيل أمد الصراع”. وأضاف: “يدخل السودان عامه الثالث من الحرب الأهلية، مع أكثر من 150 ألف قتيل وأكبر أزمة إنسانية في العالم. علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لوقف التصعيد والتوصل إلى حل سريع وإيصال المساعدات.”
و بدأت الحرب في السودان في أبريل 2023 بعد تفجّر التوترات بين الجيش وميليشيا الدعم السريع بسبب خطط دمج الأخيرة في القوات النظامية، وهو ما أدى إلى نزاع دمّر البلاد. ويُعتقد أن عشرات الآلاف قد قُتلوا، فيما نزح نحو 13 مليون شخص عن منازلهم. وتواجه ميليشيا الدعم السريع اتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية واغتصاب ونهب وقتل مدنيين في أنحاء دارفور، بينما يواجه الجيش السوداني أيضًا اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة في سياق الحرب المستمرة.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)




