العالم العربي

الشيخ ناصر بن فيصل آل ثاني: نرسم ملامح مستقبل يليق بـ”الجزيرة” ويواكب العصر

قال مدير عام شبكة الجزيرة الإعلامية الشيخ ناصر بن فيصل آل ثاني إن الشبكة تقف اليوم “على عتبة فصل جديد” في مسيرتها، مشددًا على أن الهدف هو رسم ملامح مستقبل يليق بالجزيرة ويواكب العصر، مع الحفاظ على رسالتها التحريرية ودورها في الدفاع عن حق الجمهور في المعرفة.

وأوضح الشيخ ناصر أن الجزيرة “رسخت مكانتها في صدارة المشهد الإعلامي العالمي”، وأصبحت منافسًا قويًا لشبكات إعلامية دولية كانت لعقود تحتكر صناعة الخبر والصورة، مؤكّدًا أن الشبكة ستبقى منبرًا للخبر والرأي والوعي، ومنحازة للإنسان ولقضاياه العادلة.

“فصل جديد في مسيرة الشبكة”

قال الشيخ ناصر: “نحن اليوم على عتبة فصل جديد في مسيرة شبكة الجزيرة الإعلامية”، مضيفًا أن المرحلة الحالية تتطلب مراجعة شاملة لقدرات الشبكة وآلية عملها في ضوء التحولات الكبرى التي يشهدها المشهد السياسي العربي والإقليمي.

وأشار إلى أن ذكرى تأسيس الجزيرة بعد 29 عامًا تمثل محطة تقييم وإطلاق لمشاريع جديدة، تقوم على “إيمان عميق برسالة الجزيرة وقيمها”، مع إدراك أهمية مواكبة العصر والاستجابة لتطلعات الجمهور عربيًا ودوليًا.

وشدد على أن ما تحقق خلال العقود الماضية “كان نتيجة قرارات إدارية صائبة وحسن استثمار للموارد البشرية والتقنية والمالية المتاحة”، بالإضافة إلى التضحيات المهنية والإنسانية لفرق الشبكة، وفي مقدمتها الصحفيون الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، وبينهم شهداء الجزيرة في غزة.

العمل المؤسسي.. كفاءة وفعالية دون “تقتير أو تبذير”

أكد الشيخ ناصر أن الإدارة تسعى إلى نموذج يقوم على الكفاءة والفعالية المؤسسية مع حوكمة رشيدة للموارد، موضحًا: “لا تقتير ولا تبذير”، بل إدارة منضبطة تضمن استدامة العمل وقدرة الشبكة على المنافسة والتطور طويل الأمد.

وأوضح أن التطوير داخل الشبكة “ليس مجرد استجابة للمتغيرات، بل استباق لها”، عبر تعزيز أدوات التحليل والتقييم، وتحديث آليات العمل في مختلف الإدارات، مع الحرص على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

وقال إن “التغييرات الإدارية والتعيينات الهيكلية جزء أصيل من تطوير العمل”، وإنه في حال اقتضت الحاجة قرارات أو تعيينات جديدة “سيتم تنفيذ ذلك بناء على تقييم ودراسة”، بهدف رفع جودة الأداء وضمان الجاهزية للمراحل المقبلة.

دمج الخبرة بالجيل الجديد

وأوضح مدير عام شبكة الجزيرة أن الاستراتيجية الإدارية تقوم على “دمج خبرات الزملاء المخضرمين مع الأفكار الإبداعية لجيل الشباب”، في إطار عمل جماعي يقوم على روح الفريق الواحد.

وقال: “نحرص على فتح المجال للرؤى الجديدة والمقترحات المبتكرة، ونسعى لضخ دماء شابة في جميع المستويات الإدارية والتنفيذية وتحسين الأداء التحريري”، مع التأكيد على أن أبواب الجزيرة “كانت منذ اليوم الأول – وستبقى – مفتوحة لكل الكفاءات”، وفق معيار وحيد هو الكفاءة المهنية والقدرة على الإضافة.

وأكد أن الهدف هو تعزيز قدرات الصحفيين والإعلاميين والتقنيين والإداريين داخل الشبكة، وتمكينهم من تقديم منتجات إعلامية متميزة شكلًا ومضمونًا، بما يعكس صورة الشبكة ودورها وريادتها.

السياسة التحريرية و”الرأي والرأي الآخر”

أكد الشيخ ناصر أن تطوير الأداء التحريري يبقى أولوية، لكنه يتم “انطلاقًا من ثوابت الجزيرة المهنية ومعاييرها التحريرية”. وشدد على أن مسؤولية الشبكة، في بيئة عربية وإقليمية ودولية متوترة سياسيًا وأيديولوجيًا، تفرض عليها “مواكبة الأحداث بعين ناقدة وموضوعية، وتقديم تغطيات عميقة وموثوقة تعكس تعدد الآراء وتحترم المعايير المهنية للصحافة”.

وقال إن شعار “الرأي والرأي الآخر” بالنسبة للجزيرة “ليس مجرد شعار، بل ضرورة لا تنازل عنها”، موضحًا أن المهنية تقتضي تقديم جميع وجهات النظر وتمكين الجمهور من رؤية الصورة الكاملة للأحداث من مختلف زواياها، بما يرفع الوعي العام.

وأضاف أن التزام الشبكة هو “الانحياز التام للإنسان، وحق الناس في الوصول إلى الحقيقة والمعرفة بدون تضليل”، مع الحفاظ على التمييز الواضح بين الخبر والرأي والتحليل والتعليق.

تغطية غزة.. من لحظة الحرب إلى ما بعدها

تطرق الشيخ ناصر إلى التغطية الخاصة بفلسطين وقطاع غزة، مؤكدًا أن الشبكة ستبقى حاضرة مع الشعب الفلسطيني، “تتابع آلام السكان ومعاناتهم وجهودهم لبناء مستقبلهم”، حتى مع تراجع الزخم الإخباري مقارنة بفترات الحرب.

ووجّه تحية إلى شهداء الجزيرة في غزة، واصفًا إياهم بأنهم “سطروا أروع معاني الوفاء لرسالة الصحافة النبيلة”، متعهدًا بمواصلة الإصرار على ملاحقة قتلة الصحفيين، والعمل على حماية الصحفيين ميدانيًا بالتوازي مع استمرار نقل الحقيقة.

التحول الرقمي.. من القناة إلى المنصّة

قال الشيخ ناصر إن مفهوم “القناة” الإعلامية تغيّر جذريًا، ولم يعد يقتصر على البث التلفزيوني التقليدي، بل أصبح يشمل “منصّة رقمية متكاملة”، تضم تطبيقات رقمية، ومواقع تفاعلية، وبثًا مباشرًا عبر الإنترنت، وتجارب متعددة اللغات والفئات.

وأوضح أن الجزيرة تتحرك ضمن رؤية تعتبر المنصات الرقمية امتدادًا طبيعيًا للقنوات، مع إنتاج محتوى مخصص لكل فئة جمهور وفق عادات المتابعة، بما يشمل الاقتصاد، الصحة، التقنية، الثقافة، وليس فقط السياسة.

وأشار إلى أن الجزيرة اليوم تُعد “الشبكة الإخبارية الأكبر عالميًا على منصات التواصل”، وتحقق حضورًا متقدمًا عبر البودكاست والفيديو القصير والمنتجات الرقمية، مستشهدًا بمنصات مثل “أثير للبودكاست”، و”الجزيرة 360″، ومنصة “سوريا الآن” التي برزت سريعًا كمنصة رقمية متخصصة في الشأن السوري.

وأوضح أن الشبكة تعمل حاليًا على مشاريع رقمية جديدة تستهدف شرائح واسعة عربيًا وعالميًا، مع خطط للتوسع اللغوي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي واستباق المستقبل

كشف الشيخ ناصر عن وجود “فرق متخصصة تواكب بشكل يومي التحديات والفرص التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي”، موضحًا أن الشبكة تطور أدوات داخلية لتسهيل عمل الصحفيين ورفع كفاءة غرف الأخبار، بالتوازي مع وضع معايير وأخلاقيات لاستخدام هذه التقنيات.

وأكد أن استراتيجية الشبكة تشمل مراجعة دورية للمحتوى وقوالب التقديم، بهدف مواكبة التحولات السريعة في سوق الإعلام الرقمي، مع الحفاظ على القيم والمعايير المهنية.

المصداقية ومواجهة حملات التشويه

تحدث الشيخ ناصر عن تصاعد “الحروب الرقمية والمعلومات المضللة”، مؤكدًا أن الجزيرة تتعرض لهجمات سيبرانية ومحاولات قرصنة وانتحال للهوية البصرية، في محاولة لتشويه سمعة الشبكة أو بث محتوى غير منسوب لها.

وقال إن لدى الشبكة إدارات متخصصة للأمن التقني، وأمن المعلومات، والرصد والتحقق، تعمل بشكل يومي على التصدي لهذه الهجمات، بالتوازي مع فرق تتولى حماية السمعة المؤسسية وتعزيز حضور الشبكة في مواجهة الحملات المضللة.

وأوضح أن بعض الاتهامات تُستخدم سياسياً، لكنه أشار إلى أن “اتهام الجزيرة مرة بأنها أمريكية، ومرة بأنها إسلامية، ومرة بأنها صهيونية، دليل على أنها ليست أيًّا من هذه التناقضات، وأن خطها الوحيد هو المهنية”. وقال إن ما يهم الإدارة هو النقد المهني الذي يصدر عن جمهور يعتبر الجزيرة “منبره وبيته”، لأنه يدفع الشبكة لمزيد من الفحص والتطوير.

خصوصية التغطيات الدولية

أشار الشيخ ناصر إلى أن شبكة الجزيرة تعمل اليوم عبر “نحو 70 مكتبًا حول العالم”، وتنتج تغطيات وبرامج ووثائقيات ميدانية تعتمد على التنوع الثقافي والمهني داخل غرف الأخبار، معتبرًا أن هذا التنوع يمنح الشبكة قدرة على بناء رواية إنسانية شاملة في الأزمات والنزاعات بطريقة “لا تقدمها مؤسسات أخرى” على حد وصفه.

رسالة إلى الجيل الجديد

وجّه مدير عام شبكة الجزيرة رسالة إلى الجيل الجديد من الصحفيين، مؤكدًا أن نجاح الشبكة لم يتحقق “بين يوم وليلة”، بل كان حصيلة رؤية مستنيرة وعمل جماعي وإيمان برسالة واضحة، وتضحيات مهنية باهظة.

وشدد على أن الهدف اليوم هو ضمان أن تبقى “رسالة الجزيرة وقيمها حاضرة في كل منتج ومبادرة ومشروع”، وأن تظل الشبكة جسرًا بين الشعوب والثقافات، ومنبرًا لحق الناس في المعرفة، وبيتًا مهنيًا مفتوحًا للكفاءات.

الحوار كامل هنا

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى