المغربالمغرب العربي

المغرب يتحول إلى مركز صناعي قوي للطيران في إفريقيا والمنطقة المتوسطية

قال الخبير الاقتصادي المغربي عبد النبي أبو العرب إن المغرب بصدد التحول إلى أحد المراكز الصناعية القوية للطيران في القارة الإفريقية والمنطقة المتوسطية، بفضل البنية التحتية المتطورة والاستقرار السياسي ورغبة الدولة في جذب الاستثمارات الصناعية الكبرى.

مشروع ضخم لتصنيع محركات الطائرات

جاء ذلك في مقابلة عقب تدشين مشروع جديد في أكتوبر الماضي لتصنيع وصيانة محركات الطائرات تابع لمجموعة “سافران” الفرنسية بميزانية تُقدّر بنحو 340 مليون دولار.

وأوضح أبو العرب أن قرار “سافران” بالاستثمار في المغرب جاء نتيجة توافر اليد العاملة الماهرة والاستقرار السياسي والإرادة الحكومية الواضحة لجلب المستثمرين الدوليين، معتبرًا المشروع خطوة استراتيجية ستحدث نقلة حقيقية في نقل التكنولوجيا والمعرفة الصناعية.

وأشار إلى أن قطاع الطيران العسكري الدفاعي في المغرب يشهد تطورًا موازيًا للمدني، مما يعكس رؤية شاملة لتوطين الصناعات الجوية في البلاد.

منعطف صناعي جديد

ويضم قطاع الطيران في المغرب أكثر من 150 شركة، من بينها أكبر المصنعين العالميين في مجالي الطيران المدني والعسكري، مما يجعله واجهة حقيقية للخبرة الصناعية الوطنية.

وتشمل المنشأة الجديدة لشركة “سافران” مصنعًا لتجميع واختبار محركات الطائرات وآخر لتصنيع محركات الجيل الجديد من نوع “لييب”، ما يعزز دينامية القطاع الذي ينمو بمعدل يفوق 15 بالمئة سنويًا.

وأكد أبو العرب أن هذه الدينامية ستمكّن المغرب من الانتقال من مرحلة إنتاج الأجزاء الثانوية إلى مرحلة التجميع الكامل وصيانة المحركات، معتبرًا أن الاستثمار الفرنسي يمثل منعطفًا صناعيًا جديدًا للمملكة، لأنه لا يقتصر على التصنيع فقط، بل يتيح نقلًا فعليًا للتكنولوجيا وتكوين جيل جديد من الكفاءات المغربية في مجالات متقدمة مثل الميكانيك الدقيقة والبرمجة الصناعية.

طموح لصناعة طائرة مغربية كاملة

وأوضح الخبير الاقتصادي أن المملكة تسعى من خلال هذه المشاريع إلى تحقيق حلم صناعة طائرة مغربية كاملة تقلع من أراضيها، مشيرًا إلى أن المغرب أصبح ضمن قائمة الدول العشرين المصنعة لأجزاء الطائرات في العالم، إذ بلغت صادراته من هذا القطاع أكثر من 26 مليار درهم (نحو 2.6 مليار دولار) عام 2024.

جذب الاستثمارات الدولية

واعتبر أبو العرب أن استثمار “سافران” يمثل رسالة ثقة قوية لباقي شركات الطيران العالمية، باعتبارها شركة مرجعية تزود كبريات الشركات مثل بوينغ وإيرباص بالمكونات الحيوية.

وتوقع أن يسهم المشروع في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الطيران المغربي، خصوصًا في ظل إدراك الشركاء الدوليين أن المغرب أصبح منصة موثوقة ضمن سلاسل الإنتاج العالمية.

وأشار إلى أن قطاع الطيران العسكري يشهد أيضًا تطورًا لافتًا، مع إطلاق مشاريع مشتركة في المسيرات وأنظمة المراقبة والرادار، موضحًا أن شركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية أعلنت مؤخرًا عن برنامج استثماري يفوق مليار دولار بالمغرب لتطوير قدراته المحلية في صيانة وتحديث طائرات “إف-16” وتوسيع التعاون في مجالات الإلكترونيات الجوية.

استراتيجية وطنية لتعزيز الابتكار

وأكد أبو العرب أن المغرب يعمل على استراتيجية وطنية شاملة لتعزيز البحث العلمي والابتكار الصناعي بالشراكة مع الجامعات ومراكز البحوث، بهدف رفع نسبة الإدماج المحلي إلى 60 بالمئة بحلول عام 2030.

كما تستهدف الاستراتيجية تحقيق رقم معاملات يبلغ 40 مليار دولار بحلول العام نفسه، من خلال زيادة القيمة المضافة المحلية وتوسيع القدرات التصنيعية في المكونات الدقيقة والمعدات الإلكترونية.

منظومة صناعية متكاملة

وختم أبو العرب بالقول إن “الرهان اليوم هو خلق قطاع صناعي متكامل لا يقتصر على التجميع، بل يشمل البحث والتطوير وصناعة المكونات والتجميع النهائي”، مشيرًا إلى أن هذه الرؤية ستعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي ودولي في الصناعات الجوية.

وأضاف أن المملكة تراهن على أن تصبح حلقة وصل رئيسية في سلاسل الإنتاج الدولية لقطاع الطيران، وهو هدف بات في طور التحقق بفضل المشاريع الجارية والمناخ الاستثماري المستقر والمحفز.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى