حوارات وتصريحات

د. أيمن نور: المتحف المصري الكبير فرحة شعب.. ومصر أكبر من أي نظام أو معارضة

قال الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة ومالك قناة الشرق، إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل “فرحة لكل المصريين”، مؤكدًا أن التراث المصري “ليس ملكًا لأي نظام ولا معارضة، وإنما ملك للشعب المصري كله”. جاء ذلك في مداخلة تلفزيونية، دعا خلالها إلى الاحتفاء بالمتحف باعتباره “حدثًا وطنيًا وثقافيًا يخص مصر وتاريخها وهويتها”، بالتزامن مع الافتتاح الرسمي للمتحف في الجيزة، والذي يوصف بأنه أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في العالم، ويعرض كنوز توت عنخ آمون كاملة للمرة الأولى.

نور بدأ حديثه بتحية الجمهور قائلاً: “مساء الخيرات ومساء الآثار والثقافة والمتحف المصري الكبير… يا رب يكون يوم سعيد على مصر كلها”. وأكد أن مشاعره تجاه الحدث نابعة من الاعتزاز بالحضارة المصرية، مضيفًا بروح ساخرة أنه لا يمانع الظهور بزي فرعوني احترامًا للاحتفاء بالموروث الفرعوني.

مصر أكبر من الخلاف السياسي


أشار نور إلى أن هذه اللحظة لا ينبغي أن تُختزل في الجدل السياسي، قائلًا: “إحنا دايمًا بنفرّق بين النظام وبين مصر. مصر أكبر من نظام وأكبر من المعارضة وأكبر من التكتيكات السياسية”. وشدد على أن هذا النوع من الأحداث المتعلقة بالهوية المصرية يجب أن يُستقبل بمشاعر “صافية ومخلصة”، بعيدًا عن الحسابات والصراعات.

وأضاف نور: “إحنا محتاجين نفرح. هذا المتحف مش بتاع شخص، ولا بتاع رئيس سابق، ولا بتاع زعيم، ولا بتاع سلطة. هذا المتحف بتاع الشعب المصري… سيظل ملك هذا الشعب العظيم صاحب هذا التاريخ الطويل”.

“فوبيا توت عنخ آمون”


توقف نور عند علاقة المصريين العاطفية بتاريخهم القديم، وقال إن ما يجرى اليوم يذكّره بما حدث في عشرينيات القرن الماضي، عقب اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922، حين “لبست مصر كلها الزي الفرعوني تقريبًا”، وظهرت موجة جماهيرية حملت اسم “فوبيا توت عنخ آمون”، وصلت إلى أسماء المحال التجارية والأغاني الشعبية، وحتى أسماء الشوارع.

وأوضح أن ما يراه اليوم من حالة انفعال شعبي على شبكات التواصل ليس غريبًا: “الشعب المصري مش بعيد عن تاريخه… حضارته جزء من وعيه اليومي”.

الفرحة لا تُطفأ


قال نور إنه رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المصريون، إلا أن “واجب الإعلام” وواجب النخب السياسية هو عدم إطفاء هذه الفرحة: “احنا اخترنا نحافظ على هذه الفرحة ولا نطفئ نورها… المصريون محتاجين مساحة فرح”.

وأكد في الوقت نفسه أنه كان يفضل فصل النقاش حول الأوضاع الاقتصادية عن لحظة الاحتفاء الحضاري، حتى لا يتم تحميل هذا الفضاء الثقافي بما وصفه بـ”الشكوى اليومية الثقيلة”.

المتحف المصري الكبير.. “هرم رابع”


اعتبر نور أن المتحف المصري الكبير – الذي افتُتح رسميًا في الجيزة قرب الأهرامات بعد أكثر من عقدين من العمل، بتكلفة تقارب مليار دولار، وبحضور وفود دولية رفيعة – حدث بحجم تاريخ مصر كله، وركن من أركان صورتها أمام العالم. المتحف يضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة لكنوز توت عنخ آمون، المعروضة لأول مرة معًا في مكان واحد، بالإضافة إلى قارب الشمس الخاص بالملك خوفو (خوفو)، وتماثيل عملاقة وواجهات عرض بتقنيات حديثة.

وقال نور إن هذا الصرح “لا يُقارن”، واصفًا المتحف بأنه “هرم رابع سيقف إلى جوار الأهرامات الثلاثة”، ومؤكدًا أنه ليس مشروع نظام بعينه بل “مشروع حضاري مصري ممتد”. وأضاف أن من حق الدولة أن تضع تذاكر ورسوم زيارة للصيانة والتأمين، مثل كل متاحف العالم، لكنه شدد على أن قيمة المتحف المعنوية تتجاوز أي نقاش مالي.

استعادة الآثار.. ونفرتيتي أولاً


انتقل نور إلى ملف استعادة الآثار المصرية الموجودة خارج البلاد، ودعا إلى “حملة شعبية واسعة” للمطالبة بعودة القطع الأثرية البارزة، وعلى رأسها رأس الملكة نفرتيتي المعروضة في برلين. واعتبر أنه “لا يوجد سند قانوني حقيقي لاستمرار وجودها هناك”، مطالبًا بأن تتحول هذه المطالب إلى موقف وطني جامع، لا يخص فقط المتخصصين أو النخب.

كما أشار إلى تاريخ تهريب وبيع الآثار في مصر خلال فترات سابقة، قائلاً إن نهب الآثار المصرية مر بمراحل، منها مرحلة وُصفت بأنها كانت شبه “مقننة”، ثم مرحلة “نهب منظّم”، قبل صدور قوانين تُجرِّم خروج الآثار. لكنه لفت إلى أن حجم القطع التي خرجت بعد التجريم لا يزال ضخمًا، وأن هذا يفرض التزامًا مضاعفًا بحماية ما تبقى على أرض مصر.

“إحنا مش بنعبد أوثان”


قال نور إن عرض التماثيل ليس “عبادة أصنام”، بل هو توثيق لسِيَر أشخاص وأفكار وتجارب، مضيفًا: “إحنا بنجسد هذه الشخصيات علشان نحكي حكايتها، نحكي إنجازاتها، ودورها في إحداث فارق حقيقي في حياة الناس”.

وأوضح أن قوة مصر ليست فقط في آثارها الفرعونية، ولكن أيضًا في تراكم حضاري متصل: “من الحضارة الفرعونية إلى القبطية إلى الإسلامية… هذه هي مصر. هذه هي الميزة النسبية لمصر”.

المركز الثقافي المصري في إسطنبول


كشف نور تفاصيل مشروع ثقافي يعمل عليه منذ نحو عام ونصف خارج مصر، قال إنه جاء من “حاجة وحنين المصريين في الغربة”، خاصة الأجيال الشابة المولودة خارج البلاد، التي “قد لا تتمكن قريبًا من زيارة المتحف المصري الكبير أو متحف الحضارة أو المتحف القبطي”.

وأوضح أن الفكرة تقوم على نقل “جزء من روح الآثار المصرية” إلى الخارج، عبر نسخ طبق الأصل من مقتنيات أثرية مصرية (وليس آثارًا أصلية مُهرّبة)، وعرضها في فضاء ثقافي مفتوح للمصريين والعرب والأتراك على حد سواء، بهدف ربط الأجيال الجديدة بالحضارة المصرية.

وقال نور إن هذا المركز الثقافي سيكون مفتوحًا “24 ساعة على مدار الأسبوع”، ومتاحًا مجانًا للزوار المصريين والعرب والأتراك، مضيفًا أنه يستقبل بالفعل وفودًا من جاليات عربية وطلاب جامعات في إسطنبول، وأنه يحرص شخصيًا على مرافقة الزوار وشرح القطع المعروضة “علشان الرسالة توصل صح”.

تأجيل الافتتاح.. احترامًا للقاهرة


أعلن نور أنه كان من المقرر افتتاح هذا المركز الثقافي في منتصف نوفمبر، ثم تم تعديل الموعد النهائي إلى 19 نوفمبر، موضحًا أن اختيار التاريخ جاء “عن قصد”، حتى لا يتزامن مع موعد الاحتفالات الرسمية بافتتاح المتحف المصري الكبير في الجيزة، احترامًا لرمزية الحدث داخل مصر، وللسماح بتركيز الضوء الكامل على القاهرة أولاً.

وأوضح: “احنا لا نزاحم حد. بالعكس، احنا بنتمنى إن مصر تنوّر جوّه مصر وبرّه مصر”، مضيفًا أن دور المركز الثقافي في إسطنبول “مكمل مش منافس”.

100 شخصية و100 تمثال


وكشف نور عن معرض ثالث داخل هذا المشروع الثقافي، وصفه بأنه “خاص بالشخصيات الوطنية المصرية والعربية”، ويضم ما يقرب من 100 تمثال لـ100 شخصية أثّرت ثقافيًا أو سياسيًا أو فكريًا أو وطنيًا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.

وقال إن المعرض يجمع رموزًا متعددة: زعماء الحركة الوطنية وقادة عسكريين ومفكرين وأدباء وشخصيات عامة تركت أثرًا مباشرًا في وعي الأمة، وذكر بالاسم تماثيل لسعد زغلول، ومصطفى النحاس، وعبد المنعم رياض، إلى جانب رموز فكرية وثقافية. وأوضح أن الهدف هو تذكير الأجيال بأن مصر ليست فقط الأهرامات وتوت عنخ آمون، بل أيضًا مصر النهضة الحديثة، دستور 1923، الحياة البرلمانية المبكرة، والأصوات السياسية والفكرية التي شكّلت الوعي العام.

“مصر مش انتخابات هزلية”


انتقد نور اختزال صورة مصر في مشهد الانتخابات البرلمانية الراهنة فقط، ورفض قراءتها كدولة “صغيرة أو هامشية”، كما وصف بعض الخطاب الإقليمي. وذكّر بتاريخ الحياة النيابية في مصر منذ القرن التاسع عشر، قائلًا: “يا جماعة مصر كان فيها برلمان من سنة 1860، قبل دول كتير جدًا عرفت يعني إيه برلمان”، وأشار إلى دستور 1923 باعتباره علامة مبكرة على النضج الدستوري.

وتوقف نور أمام قيمة الزعماء التاريخيين مثل سعد زغلول، مذكرًا بأن المهاتما غاندي نفسه قال إنه تعلّم معنى الثورة من ثورة سعد زغلول. وأشار ساخرًا إلى أن بعض من يشغلون مقاعد رسمية اليوم “قد لا يعرفون على أي كرسي يجلسون”، بينما هذا الكرسي ذاته “سبق وقعد عليه سعد زغلول ومصطفى النحاس”.

تكريم فاروق حسني


وجه نور رسالة خاصة بخصوص حفل الافتتاح الرسمي للمتحف في الجيزة، قائلًا إنه كان يتمنى أن يكون وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني في الواجهة خلال هذه الليلة التاريخية، واصفًا إياه بأنه “صاحب فكر حقيقي في مشروع المتحف”، وأن وجوده على المسرح وتقديمه للاحتفال كان سيحمل معنى الوفاء وتقدير الجهد الثقافي.

وقال نور إن هذا التقدير ليس له بعد سياسي، لأن حسني “في السبعينات ولا طموح له ولا ممارسة سياسية ولا رغبة في شيء”، لكنه – بحسب وصفه – جزء من سردية الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، و”رجل بذل جهدًا كبيرًا في إقناع السلطة بتمويل هذا المشروع من منح ودعم دولي وثقافي طويل المدى”.

المغزى الأوسع


اختتم نور بالتأكيد أن كل ما يُعرض – من المتحف المصري الكبير في الجيزة إلى المركز الثقافي في إسطنبول – ليس مجرد صور من الماضي، بل هو محاولة “لترميم الوعي”، خاصة للأجيال الجديدة داخل مصر وخارجها.

وقال: “إحنا مش بنتنازل عن دورنا الثقافي والحضاري والسياسي… لكن مش بننافس مصر. إحنا مكملين”.

وأضاف أن رسالته للجمهور، داخل مصر وخارجها، بسيطة: “اللي ما يعرفش قيمة العقاد، أو نجيب محفوظ، أو أم كلثوم، أو سعد زغلول… معذور لو ما فهمش يعني إيه مصر. دورنا إننا نحكي الحكاية دي من الأول تاني.”

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى