وزيرة سودانية: قوات الدعم السريع قتلت 300 امرأة واغتصبت 25 في الفاشر ضمن “تطهير عرقي ممنهج”

قالت وزيرة الدولة للرعاية الاجتماعية في السودان، سليمى إسحاق، إن “قوات الدعم السريع” قتلت نحو 300 امرأة واغتصبت 25 أخريات في مدينة الفاشر جنوب غربي البلاد، واصفة ما يجري بأنه تطهير عرقي ممنهج.
مجازر واسعة في الفاشر
في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استولت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، وارتكبت مجازر بحق المدنيين وفقًا لمنظمات محلية ودولية، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.
وقالت إسحاق إن ما حدث في الفاشر يشبه ما جرى في مدينة الجنينة بولاية جنوب دارفور عام 2023، حيث أشار تقرير للأمم المتحدة في يناير/ كانون الثاني 2024 إلى مقتل ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص، بينهم حاكم الولاية، نتيجة أعمال عنف عرقية نفذتها قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها.
وأضافت: “ما حدث في الجنينة لم يتم توثيقه بكثافة كما حصل في الفاشر، فالتصوير من قبل قوات الدعم السريع نفسه لم يكن بكمية كبيرة في الجنينة كما هو الآن في الفاشر”.
“التوثيق صار سلاحًا للقتل”
وأوضحت الوزيرة أن قوات الدعم السريع أصبحت تستخدم التوثيق كأداة للهيمنة، قائلة: “التصوير أصبح سلاحًا لهزيمة الآخر، وتوثيق الجرائم صار مصدر متعة وانتصار نفسي لهم”.
وأضافت أن عناصر الدعم السريع “تمرّسوا على توثيق جرائمهم منذ وجودهم في الخرطوم وولايات الجزيرة وسنار”، مشيرة إلى أن رمزية الفاشر جعلت تلك القوات توثّق جرائمها بشكل موسّع.
وباحتلال الفاشر، أصبحت قوات الدعم السريع تسيطر على ولايات دارفور الخمس غرب البلاد، فيما يحتفظ الجيش السوداني بالسيطرة على أغلب المناطق في الولايات الثلاث عشرة المتبقية، بما فيها العاصمة الخرطوم.
تعذيب واغتصاب وقتل
شددت إسحاق على أن “الإخضاع هو منهج الدعم السريع وسلاحه الأساسي”، مؤكدة أنهم “يستخدمون العنف الجنسي والتعذيب والقتل، وهو ما مورس ضد النساء في الفاشر”.
وقالت إن “كل النساء في الفاشر معرضات للعنف الجنسي والقتل، ولا توجد امرأة عندها مناعة حتى لو كانت طفلة”، مضيفة أن الأعداد المعروفة للمغتصبات 25 امرأة، مع وجود تقارير عن صحفيات تعرضن للاغتصاب.
وأشارت إلى أن “300 امرأة تم قتلهن في اليومين الأولين لدخول قوات الدعم السريع إلى الفاشر، بعضهن تعرضن للعنف الجنسي أو التعذيب قبل القتل”، مؤكدة أن بعض الضحايا من أسرة واحدة.
“طريق الموت”
وحول محاولات المدنيين الهروب من المدينة، قالت إسحاق إن الطريق بين الفاشر وبلدة طويلة شمال دارفور أصبح يُعرف باسم “طريق الموت”، إذ يتعرض كل من يسلكه لهجمات وعمليات قتل وذبح، ولم ينجُ إلا القليل.
وأضافت أن آلاف العائلات تفر من الفاشر إلى طويلة سيرًا على الأقدام لمسافة 60 كيلومترًا دون طعام أو ماء، مؤكدة أن “الفارّين يتعرضون لكل أنواع السحل والتعذيب والإذلال، بما في ذلك العنف الجنسي”.
وتحدثت الوزيرة عن مشاهد مروعة، قائلة: “العنف الجنسي مورس حتى على أطفال أمام أمهاتهم قبل أن يُقتلوا، والنساء تعرضن للإهانة واللمس في أماكن حساسة، وسط ترديد عبارات عنصرية من قبل عناصر الدعم السريع”.
تطهير عرقي ممنهج
أكدت إسحاق أن ما يجري في الفاشر يمثل “تطهيرًا عرقيًا ممنهجًا”، محذرة من أن استمرار وجود قوات الدعم السريع سيؤدي إلى إبادة كل سكان دارفور.
وقالت إن هذه القوات “لا تفهم لغة الحوار أو المناشدة”، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك الفعلي ووقف التواطؤ بالصمت. وأضافت: “لا نناشد الحكومات بل أصحاب الضمائر الحية، لأن هذا القتل سيستمر في الفاشر وفي كل السودان”.
المساعدات الإنسانية في خطر
وبشأن الأوضاع الإنسانية، أوضحت الوزيرة أن بعض المنظمات تمكنت من الوصول إلى بلدة طويلة لتقديم المساعدات، لكن الحكومة تواجه صعوبة في التحرك الميداني بسبب المخاطر الأمنية.
وأشارت إلى أن السلطات تحاول إيصال الأموال والمواد الإغاثية بشكل غير معلن “حتى لا يُقتل العاملون في المجال الإنساني”، مضيفة أن خمسة من متطوعي الهلال الأحمر قُتلوا في مدينة بارا بولاية شمال كردفان.
لجان تحقيق ومطالب بالمحاسبة
وفي سياق متصل، أقر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بحدوث “تجاوزات” من قواته في الفاشر، معلنًا تشكيل لجان تحقيق.
وقد أدانت دول ومنظمات دولية عديدة الجرائم والانتهاكات في الفاشر، مطالبة بوقف الحرب وإطلاق هدنة إنسانية تمهّد لعملية سياسية شاملة تنهي الصراع الدائر منذ أبريل/ نيسان 2023.
حرب أوقعت عشرات الآلاف من الضحايا
واندلعت الحرب في السودان جراء خلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع حول المرحلة الانتقالية، ما تسبب في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ونزوح نحو 13 مليون شخص، وسط واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.






