أخبار العالمالعالم العربي

زهران ممداني.. من أحياء كوينز إلى سباق عمدة نيويورك

مسيرة شاب تقدّمي يقود موجة التغيير في السياسة الأمريكية

يُعدّ زهران كوامي ممداني (Zohran Kwame Mamdani) واحدًا من أبرز الوجوه الصاعدة في المشهد السياسي الأمريكي، ويمثل الجيل الجديد من القيادات التقدّمية التي تسعى لإحداث تحوّل جذري في سياسات المدن الكبرى، وفي مقدمتها مدينة نيويورك.

ولد ممداني في 18 أكتوبر 1991 بمدينة كمبالا في أوغندا، لأبٍ من أصول هندية وأمٍ من جنوب آسيا، قبل أن تنتقل أسرته إلى الولايات المتحدة ليستقر في حي كوينز (Queens) بنيويورك، حيث نشأ وتعلم وسط بيئة متعددة الثقافات.

التعليم والبدايات

حصل ممداني على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من كلية Bowdoin الأمريكية، وبدأ حياته المهنية ناشطًا اجتماعيًا ومستشارًا سكنيًا يساعد العائلات محدودة الدخل في الحصول على سكن لائق.
وقد مكّنه عمله الميداني من الاطلاع على معاناة سكان الأحياء الشعبية، وهو ما انعكس لاحقًا على توجهاته السياسية وبرنامجه الانتخابي.

الانخراط في العمل العام

انضم زهران ممداني إلى الحزب الديمقراطي، لكنه سرعان ما تميّز بانتمائه لتيار الاشتراكيين الديمقراطيين (DSA)، الذين يدعون إلى العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومجانية الخدمات الأساسية.

وفي عام 2020، فاز بمقعد في مجلس ولاية نيويورك (New York State Assembly) عن الدائرة 36 التي تشمل مناطق أستوريا ولونغ آيلاند سيتي، ليصبح واحدًا من أصغر النواب في تاريخ الولاية.
منذ ذلك الحين، لمع اسمه في أوساط الشباب والنشطاء اليساريين باعتباره صوتًا جريئًا في الدفاع عن الطبقات العاملة والمهاجرين والحقوق المدنية.

برنامج إصلاحي يلامس هموم الشارع

يرفع ممداني شعارات تُركّز على العدالة الاقتصادية والمساواة الاجتماعية، ومن أبرز ملامح برنامجه الانتخابي في سباق عمدة نيويورك 2025:

  • جعل النقل العام أكثر عدلاً، من خلال مشروع لتوفير خدمات الحافلات المجانية للمواطنين ذوي الدخل المنخفض.
  • تجميد الإيجارات في الوحدات السكنية الخاضعة للتثبيت، للحدّ من أزمة السكن المتفاقمة في المدينة.
  • رفع الحد الأدنى للأجور تدريجيًا إلى 30 دولارًا في الساعة بحلول عام 2030.
  • فرض ضرائب تصاعدية على الأثرياء والشركات الكبرى لتمويل برامج التعليم والصحة والإسكان.
  • توسيع خدمات المدينة العامة، مثل إنشاء متاجر بقالة مملوكة للبلدية في الأحياء الفقيرة لتخفيض أسعار السلع الأساسية.

ويؤكد ممداني في خطاباته أن هدفه هو “تحويل نيويورك إلى مدينة يعيش فيها الجميع بكرامة، لا مدينة للأثرياء فقط”.

شعبية متنامية وجدال سياسي

رغم صغر سنه، نجح زهران ممداني في بناء قاعدة جماهيرية واسعة، خصوصًا بين فئة الشباب والطلاب والعمال والمهاجرين.
وقد لفت الأنظار بمشاركته في إضراب جوع تضامني مع سائقي سيارات الأجرة المتضررين من الديون، ما عزّز صورته كسياسي قريب من الناس.

لكن مواقفه التقدّمية الصريحة أثارت جدلاً داخل الحزب الديمقراطي، إذ يعتبره بعض السياسيين راديكاليًا أكثر من اللازم، بينما يراه أنصاره صوتًا حقيقيًا للتغيير الاجتماعي.

انتقادات وتحديات

واجه ممداني انتقادات تتعلق بقلة خبرته الإدارية مقارنة بمنافسيه مثل الحاكم السابق أندرو كوانو، كما وُصفت رؤيته الاقتصادية بأنها “حالمة وغير واقعية”.
كما تعرّض لتدقيق إعلامي بسبب مواقفه من بعض القضايا الدولية، وخاصة الملف الفلسطيني الإسرائيلي، إذ يُعرف بمناصرته لحقوق الفلسطينيين وانتقاده لسياسات الاحتلال.

ومع ذلك، يرى المراقبون أنه استطاع فرض نفسه كأحد أبرز رموز التيار التقدّمي الأمريكي، وكمنافس جاد في سباق عمدة نيويورك.

شخصية استثنائية في مشهد متحوّل

يمتاز زهران ممداني بخطابه الإنساني وقدرته على التواصل مع الجمهور بلغة بسيطة وصادقة.
وهو يجمع بين الجرأة الفكرية والتجذر الشعبي، مما جعله يُلقب في الإعلام الأمريكي بـ”صوت التغيير في نيويورك”.

ومع تصاعد حظوظه في الانتخابات الجارية، يرى كثيرون أن ممداني يُمثّل جيلًا جديدًا من الساسة الأمريكيين الذين يعيدون رسم خريطة السياسة الحضرية، ويمنحون الأمل لشباب المدن الباحثين عن عدالة اجتماعية حقيقية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى