وائل الدحدوح يدعو الإعلام الدولي لمحاسبة إسرائيل على قتل أكثر من 250 صحفيا في غزة

دعا الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، مدير مكتب شبكة الجزيرة في غزة، وسائل الإعلام الدولية إلى التحرك الجاد لضمان محاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الصحفيين الفلسطينيين، مؤكدًا أن الاحتلال قتل أكثر من 250 صحفيًا وصحفية خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
جاءت تصريحات الدحدوح خلال مقابلة على هامش مشاركته في منتدى “تي آر تي وورلد 2025” الذي استضافته مدينة إسطنبول يومي الجمعة والسبت الماضيين، حيث تناول فيها جوانب من فشل المؤسسات الإعلامية الدولية في تغطية ما وصفه بـ”أكبر مأساة إنسانية في العصر الحديث”.
انتقاد انحياز الإعلام الدولي
انتقد الدحدوح أداء وسائل الإعلام الغربية، قائلاً إن بعضها كان “ملكيًا أكثر من الملك” في تبنيها للسردية الإسرائيلية، في وقت كانت فيه بعض الصحف العبرية مثل هآرتس تنتقد جيش الاحتلال وتكشف جرائمه في غزة.
وقال:
“ما حدث هو فشل مدوٍ للمؤسسات الإعلامية الدولية في التعامل مع هذه الإبادة، فقد تجاهلت جرائم تُرتكب على الهواء مباشرة، وامتنعت عن وصفها بما تستحقه قانونيًا كجرائم حرب وإبادة جماعية.”
وأضاف أن حجم الانحياز والتضليل الإعلامي أسهم في طمس الحقيقة، مشيرًا إلى أن العديد من الوسائل الدولية تبنت رواية إسرائيل دون تحقق أو أدلة، رغم أن الوقائع كانت تُبث مباشرة من الميدان.
جرائم على الهواء ومأساة شخصية
وتحدث الدحدوح بحرقة عن المأساة التي عاشها شخصيًا بعد استشهاد ثلاثة من أبنائه وحفيدته في قصف استهدف عائلته أثناء تغطيته للأحداث، مؤكدًا أن الإعلام الغربي “فشل أخلاقيًا ومهنيًا” في نقل الحقيقة.
وأضاف:
“إسرائيل ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب موثقة بالصوت والصورة، ومع ذلك فضلت كثير من المؤسسات الغربية الصمت أو التبرير، وهو ما يعد مشاركة ضمنية في الجريمة.”
وأكد أن الاحتلال يواصل استهداف الصحفيين حتى بعد وقف إطلاق النار المؤقت، مستدلًا باغتيال الصحفي محمد المنيراوي من صحيفة فلسطين رغم توقف العمليات العسكرية.
إفلات من العقاب
شدد الدحدوح على أن إفلات إسرائيل من المساءلة هو ما يشجعها على تكرار الجرائم، قائلًا:
“على مدار عقود، لم تُحاسَب إسرائيل على جرائمها، وهذه الحرب كانت ذروة الإفلات من العقاب، وكأن العالم يكافئها بدلًا من محاسبتها.”
وأوضح أن الحرب أسفرت عن مقتل 68,872 فلسطينيًا وإصابة 170,677 آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى تدمير 90% من البنية التحتية المدنية في غزة، وفق تقديرات الأمم المتحدة التي قدرت تكلفة إعادة الإعمار بـ70 مليار دولار.
إشادة بالمهنية الفلسطينية
في المقابل، أثنى الدحدوح على أداء الصحافة الفلسطينية التي وصفها بأنها “حققت أعلى درجات المهنية رغم الألم”، مؤكدًا أن صحافة المواطن في غزة كانت ركيزة أساسية في كسر الرواية الإسرائيلية ونقل الحقيقة إلى العالم.
وقال:
“المواطنون في غزة كانوا صحفيين حقيقيين، استخدموا وسائل التواصل لإيصال الصور والقصص الإنسانية، وساهموا في فضح جرائم الاحتلال أمام العالم.”
وأشار إلى أن الرواية الإسرائيلية تراجعت عالميًا وتعرضت لعزلة غير مسبوقة، لكنه اعتبر أن التغير في سياسات الإعلام الدولي ما زال “تكتيكيًا وهامشيًا” ولا يعكس عمق الكارثة الإنسانية.
دعوة للذاكرة والمحاسبة
اختتم الدحدوح حديثه بالتأكيد على ضرورة توثيق قصص الصحفيين الشهداء وعدم السماح بتحويلهم إلى مجرد أرقام، مضيفًا:
“يجب أن تبقى حكاياتهم وطموحاتهم حية في وجدان الجميع، وأن يعمل العالم على محاسبة من ارتكب هذه الجرائم.”
وأكد أن ما يجري في غزة ليس مجرد حرب انتهت، بل إبادة مؤقتة ما زالت مستمرة بأشكال أخرى، من تجويع وتضييق وحصار ومنع الإعمار، داعيًا العالم إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية تجاه هذه الكارثة الإنسانية.

