مصر

قرار إسرائيلي بتحويل الحدود مع مصر إلى “منطقة عسكرية مغلقة” يثير توترًا جديدًا في العلاقات بين البلدين

أشعل وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس فتيل توتر جديد في العلاقات المصرية الإسرائيلية، بعد إصداره قرارًا يقضي بتحويل المنطقة المتاخمة للحدود مع مصر إلى “منطقة عسكرية مغلقة”، بزعم مواجهة تهريب الأسلحة عبر طائرات مسيّرة.

وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الخميس، أن كاتس وجّه بإغلاق المنطقة الحدودية بشكل كامل وتصنيف عمليات التهريب المزعومة على أنها “تهديد إرهابي”، في خطوة اعتبرها محللون تصعيدًا رمزيًا أكثر منه ميدانيًا.

ولم يصدر حتى مساء الجمعة أي تعقيب رسمي من القاهرة على القرار الإسرائيلي، الذي يأتي وسط أجواء مشحونة منذ اندلاع حرب غزة قبل عامين، وما تبعها من اتهامات إسرائيلية لمصر بتهريب أسلحة إلى القطاع، وهي المزاعم التي نفتها القاهرة مرارًا ووصفتها بأنها “ادعاءات باطلة”.

موقف مصري حذر وترقّب

يرى خبراء عسكريون أن مصر ستتعامل مع القرار الإسرائيلي بسياسة “الترقب دون الصدام”، في ظل انشغالها بملفات أكثر حساسية تتعلق بترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال الخبير العسكري المصري العميد سمير راغب إن القرار “إجراء داخلي إسرائيلي لا يلزم القاهرة بالرد عليه”، مشيرًا إلى أن أي تجاوز لبنود الملحق الأمني في اتفاقية السلام لعام 1979 سيُعد خرقًا صريحًا.

أما اللواء سمير فرج، المدير السابق لإدارة الشؤون المعنوية بالجيش المصري، فأكد أن مصر “تراقب التطورات عن كثب وتدرك أبعاد القرار جيدًا”، موضحًا أن “الحدود المصرية مؤمنة بالكامل، وأن القاهرة قادرة على حماية أمنها القومي في أي وقت دون الانجرار إلى مواجهة”.

وفي السياق ذاته، قال المحاضر بالأكاديمية العسكرية الدكتور طارق فهمي إن “مصر لا تريد التصعيد، لكنها ستستعد ميدانيًا لأي طارئ”، معتبرًا أن إسرائيل تحاول عبر هذه الخطوة اختبار الموقف المصري وفرض أمر واقع قبل تنفيذ الترتيبات الأمنية الجديدة في غزة.

أبعاد القرار الإسرائيلي

بحسب محللين عسكريين، يحمل القرار الإسرائيلي خمسة أبعاد رئيسية، أبرزها الضغط على القاهرة قبيل النقاشات الأمنية حول غزة، وترضية اليمين المتطرف داخل حكومة نتنياهو، إضافة إلى تبرير الفشل في تحقيق أهداف الحرب من خلال تضخيم “التهديدات الإقليمية”.

ويرى العميد راغب أن إسرائيل “تحاول ترسيخ فكرة وجود خطر دائم على حدودها الجنوبية لتعبئة الرأي العام، تمامًا كما فعلت سابقًا مع المقاومة الفلسطينية”.

من جهته، اعتبر اللواء فرج أن الخطوة “محاولة للهروب من الفشل العسكري والسياسي في غزة وتوظيف الملف المصري لأغراض انتخابية داخلية”، بينما رأى فهمي أن الدافع الأبرز هو إعادة إنتاج فكرة “المنطقة العازلة” كأداة ضغط جيوسياسي، في ظل الخلافات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حول التعامل مع مصر.

أما الخبير الفلسطيني سهيل دياب، فعدّ القرار “مسعى لتثبيت السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا ومعبر رفح الفلسطيني قبل أي ترتيبات أمنية مستقبلية”، فيما رأى نظيره نزار نزال أنه “محاولة لاستفزاز القاهرة ورفع منسوب التوتر معها لإرضاء اليمين العسكري المتشدد”.

توتر متصاعد منذ حرب غزة

وتشهد العلاقات بين القاهرة وتل أبيب توترًا متصاعدًا منذ حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة عام 2023، ولا سيما عقب رفض مصر احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح، إضافة إلى انتقادات متكررة من تل أبيب لرفض القاهرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

كما هددت إسرائيل في أكثر من مناسبة بـتعليق اتفاقيات الغاز المشتركة مع مصر، في مؤشرات على أعمق أزمة دبلوماسية بين البلدين منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى