مصر

وفاة العالم والداعية الإسلامي الدكتور زغلول النجار عن عمر ناهز 92 عامًا في الأردن

توفي، اليوم الأحد، في العاصمة الأردنية عمّان، العالم والداعية الإسلامي الدكتور زغلول النجار عن عمر ناهز 92 عامًا، بعد مسيرة علمية ودعوية حافلة امتدت لأكثر من سبعة عقود، قدّم خلالها إسهامات فكرية وبحثية جعلته واحدًا من أبرز رموز الإعجاز العلمي في القرآن الكريم في العالم الإسلامي.

وينحدر الدكتور زغلول النجار من محافظة الغربية في جمهورية مصر العربية، حيث وُلد عام 1933، ونشأ في بيئة علمية ودينية أثّرت في تكوينه الفكري، فجمع منذ شبابه بين حب المعرفة الطبيعية والتأمل في آيات الله الكونية، ليصبح لاحقًا أحد أبرز العلماء الذين سعوا إلى الربط بين العلم والدين في العصر الحديث.

مسيرة علمية حافلة بالإنجازات

حصل الراحل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا من جامعة القاهرة، ثم نال درجة الدكتوراه في علوم الأرض من جامعة ويلز البريطانية في ستينيات القرن الماضي، ليبدأ بعدها مسيرة أكاديمية متميزة شغل خلالها مناصب عدة في جامعات مصرية وعربية ودولية.

عمل أستاذًا للجيولوجيا في جامعات السعودية وقطر والكويت، كما تولّى الإشراف على أبحاث علمية في بريطانيا والولايات المتحدة. وتميز بعلمه الغزير في علوم الأرض والكون، قبل أن يتجه إلى مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، الذي أصبح عنوانًا لمسيرته الفكرية والدعوية.

رائد الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

كرّس الدكتور زغلول النجار حياته العلمية في دراسة آيات الكون في القرآن الكريم، محاولًا الربط بين النصوص القرآنية والاكتشافات الحديثة في مجالات الفلك والجيولوجيا والفيزياء والبيولوجيا.
وقدّم من خلال مؤلفاته ومحاضراته تصورًا عميقًا حول كيفية فهم الإشارات العلمية في النص القرآني بما يتناسب مع منهج العلم الحديث.

وكان يؤكد في كل مناسبة أن القرآن الكريم ليس كتاب علوم، بل كتاب هداية يحمل إشارات علمية تُظهر إعجاز الخالق في الكون، وهو ما جعله مرجعًا أساسيًا في هذا المجال، ومقصدًا للباحثين والمهتمين في العالمين العربي والإسلامي.

مؤلفات ومحاضرات عالمية

ترك الدكتور النجار إرثًا فكريًا ضخمًا من الكتب والمحاضرات والبحوث، من بينها مؤلفات في الجيولوجيا وأخرى في الإعجاز العلمي، مثل كتاب “الإعجاز العلمي في خلق الإنسان”، وكتاب “من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم”، وكتاب “الجبال في القرآن” الذي تُرجم إلى عدة لغات.
كما قدّم مئات المحاضرات في الجامعات والمراكز العلمية حول العالم، تناول فيها التوافق بين الحقائق العلمية والنصوص القرآنية، داعيًا إلى أن يكون العلم وسيلة لتعميق الإيمان لا لمعارضته.

وعُرف الراحل بأسلوبه الهادئ والعلمي في الطرح، وبقدرته على تبسيط المفاهيم المعقدة بأسلوب يجمع بين المنهج الأكاديمي والإحساس الإيماني العميق، مما أكسبه احترامًا واسعًا بين العلماء والدعاة والباحثين.

مكانة أكاديمية وعالمية

شغل الدكتور زغلول النجار خلال حياته عددًا من المناصب الأكاديمية والعلمية، منها عضويته في أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم، وانضمامه إلى عدد من الجمعيات الجيولوجية الدولية، إلى جانب عمله مستشارًا علميًا في العديد من المؤسسات البحثية والدعوية.

وقد كان عضوًا فاعلًا في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وشارك في مؤتمرات علمية ودعوية كبرى داخل العالم العربي وخارجه، من بينها مؤتمرات في القاهرة، جدة، الدوحة، لندن، وكوالالمبور.

جنازة ومكان الدفن

من المقرر أن تُقام صلاة الجنازة على الفقيد يوم غدٍ الإثنين 10 نوفمبر 2025 بعد صلاة الظهر في مسجد أبو عيشة قرب الدوار السابع في العاصمة الأردنية عمّان، على أن يُوارى جثمانه الثرى في مقبرة أم القطين بمنطقة لواء ناعور.

ومن المتوقع أن يحضر الجنازة جمع من العلماء والدعاة والمحبين الذين تتلمذوا على فكره واستلهموا من علمه، تخليدًا لذكراه ومسيرته الطويلة في خدمة الإسلام والعلم.

إرث علمي ودعوي خالد

رحيل الدكتور زغلول النجار يُعد خسارة كبيرة للساحة الفكرية والعلمية في العالم الإسلامي، إذ مثّل نموذجًا للعالم الذي جمع بين الإيمان العميق والعقلية البحثية المنهجية.
وقد عُرف بثباته على المبدأ وصفاء انتمائه لدينه وأمته، ودفاعه عن الفكر الإسلامي الوسطي القائم على التأمل والتدبر والعلم.

“الإيمان والعلم جناحان لا غنى لأحدهما عن الآخر”، كان هذا الشعار الذي ردده الراحل في كل لقاء، ملخصًا رؤيته لمسيرة الحياة والكون والإنسان.

ترك الفقيد إرثًا خالدًا من المعرفة والإلهام، سيظل مرجعًا للأجيال القادمة، في زمن تتزايد فيه الحاجة إلى العلماء الذين يوظفون العلم لخدمة القيم الإنسانية والإيمانية.

رحم الله الدكتور زغلول النجار، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن علمه وجهده في خدمة الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى