العراق يستعد لانتخابات برلمانية حاسمة تحدد ملامح المشهد السياسي للسنوات المقبلة

تنطلق، غدًا الثلاثاء، عمليات الاقتراع العام في الانتخابات البرلمانية العراقية، التي ستفرز أعضاء مجلس النواب المقبل وتحدد موازين القوى السياسية في البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة.
تأتي الانتخابات بعد يومين من الاقتراع الخاص للأجهزة الأمنية والعسكرية، الذي شهد مشاركة واسعة بلغت نسبتها 82.52 بالمئة من أصل أكثر من 1.3 مليون ناخب، في مؤشر وصفته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بأنه “غير مسبوق”.
مشهد سياسي متشظٍ وتوازنات متوقعة
يرى مراقبون أن نتائج الانتخابات لن تفرز كتلة مهيمنة، بل ستعيد إنتاج معادلة التوافق التقليدية بين القوى السياسية لتوزيع المناصب السيادية والحكومية.
ويتنافس في هذا الاستحقاق 7743 مرشحًا، بينهم 5496 رجلًا و2247 امرأة، للفوز بـ 329 مقعدًا في البرلمان العراقي، من أصل نحو 21 مليون ناخب يحق لهم التصويت.
بغداد تتصدر عدد المقاعد والناخبين
تتصدر بغداد المحافظات العراقية بعدد المقاعد المخصصة لها بواقع 69 مقعدًا (منها 17 للنساء)، تليها نينوى بـ 31 مقعدًا، ثم البصرة بـ 25 مقعدًا، وذي قار بـ 19 مقعدًا، في حين تعد المثنى الأقل تمثيلًا بـ 7 مقاعد فقط.
كما تحتل العاصمة المركز الأول في عدد الناخبين المسجلين، إذ يبلغ عددهم 2,373,963 ناخبًا، وفق إحصاءات المفوضية.
كوتا النساء والمكونات
بحسب القانون الانتخابي العراقي، تُخصص نسبة لا تقل عن 25 بالمئة من المقاعد للنساء (ما لا يقل عن 83 مقعدًا)، إلى جانب 9 مقاعد كوتا للمكونات القومية والدينية على مستوى المحافظات أو المستوى الوطني.
تنظيم وأمن الانتخابات
أكدت مفوضية الانتخابات أن الاقتراع سيبدأ عند الساعة السابعة صباحًا (4:00 ت.غ) وينتهي في السادسة مساءً (15:00 ت.غ)، على أن تُعلن النتائج الأولية خلال 24 ساعة من انتهاء التصويت، بعد إجراء العد والفرز الإلكتروني واليدوي للمطابقة.
أما النتائج النهائية فسيتم إعلانها لاحقًا بعد الانتهاء من النظر في الطعون الانتخابية.
إجراءات أمنية مرنة
في سابقة لافتة، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عدم فرض حظر تجوال يوم الاقتراع، لتسهيل حركة المواطنين وتشجيع المشاركة، في خطوة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية مقارنة بانتخابات سابقة شهدت إجراءات مشددة.
من جانبها، أعلنت وزارة الداخلية عن خطة أمنية يشارك فيها 159 ألف ضابط ومنتسب لتأمين سير العملية الانتخابية في جميع المحافظات.
خلفية سياسية ودستورية
تُعد هذه الانتخابات السادسة منذ عام 2003، فيما تنتهي الدورة الحالية لمجلس النواب في 8 يناير/ كانون الثاني 2026، بعد أن بدأت في 9 يناير/ كانون الثاني 2022. ووفق القانون، يجب إجراء الانتخابات قبل 45 يومًا من انتهاء الدورة البرلمانية.
وتقوم التوازنات السياسية التقليدية في العراق على توزيع السلطات بين المكونات؛ إذ تؤول رئاسة الجمهورية للأكراد، ورئاسة الوزراء للشيعة، فيما يتولى السنة رئاسة البرلمان.
محطة مفصلية في تاريخ العراق الحديث
آخر انتخابات برلمانية جرت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بعد موجة احتجاجات واسعة أجبرت رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي على الاستقالة، وأتت بـ مصطفى الكاظمي لإدارة المرحلة الانتقالية.
وشكلت تلك الانتخابات حينها تحولًا سياسيًا مهمًا في مسار العملية الديمقراطية، وهو ما يجعل الانتخابات الحالية اختبارًا جديدًا لمستقبل الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.




