ائتلاف “الإعمار والتنمية” بصدارة الانتخابات البرلمانية في العراق تمهيدًا لمشاورات تشكيل الحكومة

تصدر ائتلاف “الإعمار والتنمية” بزعامة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق، وفق النتائج الأولية الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ما يرجح أن يبدأ السوداني خلال الفترة المقبلة مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة في ضوء الخريطة البرلمانية التي أفرزها الاقتراع.
نسبة مشاركة تجاوزت 56 بالمئة وآلاف المرشحين يتنافسون على 329 مقعدًا
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات التي جرت الثلاثاء بلغت 56 بالمئة، حيث تنافس 7 آلاف و744 مرشحًا على الفوز بأحد مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 329 مقعدًا.
وبحسب بيانات المفوضية، حصل ائتلاف “الإعمار والتنمية” الذي يتزعمه السوداني على مليون و317 ألف صوت، ليحتل الصدارة، فيما جاء في المركز الثاني الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بحصوله على مليون و99 ألفًا و826 صوتًا.
وجاء في المركز الثالث حزب “تقدم” (سني) بزعامة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بأكثر من 900 ألف صوت، وفي المركز الرابع ائتلاف “دولة القانون” (شيعي) بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأكثر من 700 ألف صوت.
ورجحت مفوضية الانتخابات، الخميس، إعلان النتائج النهائية للاستحقاق البرلماني الأسبوع المقبل، دون تحديد يوم بعينه، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية عن متحدثة المفوضية جمانة الغلاي.
حزبان فقط تجاوزا عتبة المليون صوت
وفق النتائج الأولية، يُعد كلٌّ من ائتلاف “الإعمار والتنمية” والحزب الديمقراطي الكردستاني، القوتين السياسيتين الوحيدتين اللتين تجاوزتا المليون صوت في عموم العراق، في حين لم تتمكن القوى السياسية الأخرى من بلوغ هذا الرقم.
غير أن عدد الأصوات المحصَّلة لا يرتبط بشكل مباشر بعدد المقاعد البرلمانية، في ظل طبيعة النظام الانتخابي المعمول به في العراق.
خريطة المقاعد وفق النتائج الأولية
أظهرت النتائج الأولية توزيعًا متقاربًا نسبيًا بين عدد من الكتل والقوى البارزة داخل البرلمان المكوَّن من 329 مقعدًا، وجاء ترتيب أبرز القوى الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد على النحو التالي:
- 45 مقعدًا لائتلاف “الإعمار والتنمية” الذي يتزعمه محمد شياع السوداني.
- 30 مقعدًا لائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي.
- 27 مقعدًا للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.
- 27 مقعدًا لحزب “تقدم” (سني) بزعامة محمد الحلبوسي.
- 26 مقعدًا لكتلة “صادقون” بزعامة قيس الخزعلي.
- 19 مقعدًا لحركة “بدر” بقيادة هادي العامري.
- 18 مقعدًا لتحالف “قوى الدولة” بزعامة عمار الحكيم.
وتبقى هذه الأرقام غير نهائية وقابلة للتغيير صعودًا أو هبوطًا مع اكتمال عمليات الفرز والتدقيق وإعلان النتائج النهائية.
مفاجأة انتخابية في الموصل
في دائرة الموصل ذات الأغلبية العربية، حقق الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني فوزًا مفاجئًا بحصوله على أكبر عدد من الأصوات.
وجاء حزب “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي في المركز الثاني، بينما حلّ ائتلاف “الإعمار والتنمية” بزعامة السوداني في المركز الثالث، في مؤشر على تغيّر موازين القوى داخل واحدة من أهم الدوائر الانتخابية في البلاد.
4 مقاعد للتركمان وتسجيل سابقة في بغداد
تمكن التركمان من الحصول على مقعدين برلمانيين في كركوك عن قائمة “الجبهة التركمانية العراقية”، فيما فازت مرشحة من تحالف تركماني آخر في الموصل.
كما حصل التركمان على مقعد برلماني في بغداد، في سابقة بالتاريخ السياسي العراقي، حيث يُعد تمثيلهم في العاصمة تطورًا لافتًا في خريطة تمثيل المكوّنات داخل البرلمان.
أعلى وأدنى نسب التصويت بين المحافظات
أظهرت البيانات الانتخابية تفاوتًا كبيرًا في نسب المشاركة بين المحافظات العراقية، حيث سُجِّلت:
- أعلى نسبة مشاركة في دائرة دهوك (شمال) بنسبة 77.47 بالمئة.
- تلتها أربيل (شمال) بنسبة 71.65 بالمئة.
- ثم محافظة صلاح الدين (وسط شمال) بنسبة 66.98 بالمئة.
في المقابل، سُجِّلت أقل نسبة مشاركة في دائرة الرصافة ببغداد بنسبة 41.55 بالمئة، فيما بلغت النسبة في محافظة ميسان جنوبًا 42.15 بالمئة.
المرشحون الحاصلون على أعلى عدد من الأصوات
وفق النتائج المعلنة، تصدر عدد من القيادات السياسية المشهد من حيث عدد الأصوات الفردية التي حصلوا عليها:
- حصل ريبوار طه، المرشح عن كركوك ضمن قائمة “الاتحاد الوطني الكردستاني” والمحافظ الحالي للمحافظة، على أكثر من 96 ألف صوت، ليصبح المرشح الأعلى أصواتًا في البلاد.
- جاء محمد شياع السوداني، زعيم ائتلاف “الإعمار والتنمية”، في المركز الثاني بأكثر من 92 ألف صوت.
- حلّ محمد الحلبوسي، زعيم حزب “تقدم”، في المركز الثالث بنحو 72 ألف صوت.
- جاء رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، زعيم ائتلاف “دولة القانون”، في المركز الرابع بحصوله على أكثر من 68 ألف صوت.
- حلّ جمال كوجر، مرشح حزب “الاتحاد الإسلامي الكردستاني”، في المركز الخامس بأكثر من 58 ألف صوت.
49 مرشحًا يحصدون صوتًا واحدًا فقط
من أبرز المشاهد اللافتة في هذه الانتخابات، أن 49 مرشحًا من مختلف أنحاء العراق حصل كل واحد منهم على صوت واحد فقط، في نتيجة تعكس تراجع القاعدة التصويتية لبعض المرشحين وضعف حملاتهم الانتخابية أو حضورهم الجماهيري.
تمثيل الأقليات الدينية في البرلمان
ضمن حصص الأقليات الدينية، أُعلن عن فوز عدد من المرشحين بمقاعد في مجلس النواب، من بينهم:
- عن المكوّن المسيحي: سامي أوشانا، أسير إبراهيم، كيلدو رمزي، عماد يوحنا، هبة جرجس.
- عن المكوّن الإيزيدي: خالد سيدو.
- عن الكرد الفيليين: حيدر علي.
- عن الشبك: وعد كدو.
- عن الصابئة المندائيين: بسام زهيري.
السيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة الجديدة
وفق النتائج الأولية، يُتوقع أن يسعى محمد شياع السوداني، الذي تصدر ائتلافه عدد الأصوات، إلى تشكيل حكومة ائتلافية بالتحالف مع أحزاب شيعية وسنية وكردية.
وعقب إعلان النتائج، أعلن السوداني انفتاحه على الحوار والمفاوضات مع جميع القوى السياسية، في مسعى لتشكيل تحالف برلماني واسع.
غير أن تقارير ومراقبين يشيرون إلى أن الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران لا ترغب في تولّي السوداني رئاسة الوزراء مجددًا، ما قد يدفعها لمحاولة تشكيل حكومة بديلة بالتحالف مع قوى سنية وكردية، وهو ما قد يضع السوداني في صفوف المعارضة رغم تصدر ائتلافه النتائج.
الاستحقاقات الدستورية بعد المصادقة على النتائج
بحسب العُرف السياسي والدستوري في العراق بعد الغزو الأمريكي، يقوم رئيس الجمهورية بدعوة مجلس النواب إلى الانعقاد خلال 15 يومًا من تاريخ التصديق على النتائج النهائية للانتخابات العامة.
- يرأس الجلسة الأولى أكبر الأعضاء سنًّا، ويتم خلالها انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبين له.
- بعد انتخاب هيئة رئاسة المجلس، تبدأ عملية الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، الذي يجب انتخابه خلال 30 يومًا من تاريخ الجلسة الأولى.
- خلال 15 يومًا من انتخاب الرئيس، يقوم بتكليف المرشح الذي تسميه الكتلة البرلمانية الأكبر بتشكيل الحكومة.
- يمنح الدستور رئيس الوزراء المكلف مدة 30 يومًا لتقديم تشكيلته الحكومية إلى البرلمان لنيل الثقة.
- إذا فشل المكلف في تشكيل الحكومة خلال هذه الفترة، يقوم الرئيس بتكليف مرشح آخر من كتلة أخرى أو من التفاهمات البرلمانية الجديدة.
وبين شدّ وجذب بين القوى السياسية، تبقى الأنظار موجهة إلى بغداد خلال الأسابيع المقبلة، في انتظار ما ستسفر عنه مشاورات تشكيل الحكومة، وما إذا كانت نتائج الاقتراع ستقود إلى إعادة إنتاج التفاهمات التقليدية، أم إلى تحالفات جديدة تعيد رسم ملامح المشهد السياسي العراقي.
