كأن بروكسل فتحت لي نوافذها، ومدَّت أمامي مائدةً من الأسئلة والرؤى، فأنهيت ــ بفضل الله ورعايته ــ
سلسلة لقاءاتٍ عامرةٍ بالحكمة، وحِواراتٍ امتلأت بما يوقظ العقل ويُثري البصيرة.
كانت جلساتٌ لا يُذكَر فيها اسم مصر، لا تصريحًا ولا تلميحًا، لكنك تشعر في كل عبارة، وفي كل التفاتة، أن روح مصر جالسةٌ في صدر المائدة، تستمع، وتبتسم، وتسأل عن مستقبل الشرق الأوسط وكأنه مستقبلها هي…وكأنه قدرها الذي لا تهرب منه.
واليوم، حملتني الرحلة إلى باريس، في زيارة قصيرة لا تتجاوز ثمانيٍ وأربعين ساعة، زيارة نصفها اجتماعٌ بنبض الأصدقاء، ونصفها الآخر تحيةٌ للثقافة وللأماكن التي تُشبه الذاكرة.
وكانت البداية من أكثر الأماكن قدرةً على إيقاظ قلبي من سباته:
الجناح المصري في اللوفر..حيث تلمع حجارةُ أجدادي
كأنها تناديني بالاسم، وتذكّرني بأن السفر مهما طال
يعود بنا دائمًا إلى مصر…ولو على هيئة تمثالٍ صامتٍ
يُحدِّثني أكثر مما يفعل البشر.
