مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: بعد قرار مجلس الأمن.. ما الذي يجب أن تفعله المقاومة الآن؟(2)

بعد أن صوّت مجلس الأمن لصالح المشروع الأمريكي بشأن غزة، دخلت القضية الفلسطينية أخطر مرحلة سياسية منذ اتفاق أوسلو. فالقرار، رغم غلافه الإنساني والحديث عن “وقف إطلاق النار”، يُعيد تشكيل غزة وفق الرؤية الأمريكية– الإسرائيلية، ويهدف إلى نزع السلاح، تفكيك المقاومة، وفرض سلطة انتقالية وظيفية لا تمثل الإرادة الفلسطينية.


وسط هذا المشهد، يبقى السؤال الملحّ: كيف تتعامل المقاومة مع هذا القرار؟ وما الخطوات التي يجب اتخاذها لحماية مشروعها والحفاظ على قوة غزة؟

أولا؛ تثبيت القوة الميدانية ومنع تمرير الشروط الأمريكية.


المطلوب تثبيت معادلة القوة وعدم السماح للمشروع الأمريكي بأن يتحول إلى وقائع على الأرض. هذا يشمل:

  • رفض أي ترتيبات أمنية تمسّ سلاح المقاومة، والتأكيد أن هذا السلاح جزء من حق شعب تحت الاحتلال وليس بندًا للتفاوض.
  • التفاوض بمنطق الندّ لا بمنطق التلقي، بحيث تكون قضايا مثل تبادل الأسرى، الانسحاب، ووقف العدوان شروطًا أساسية لأي هدنة.
  • منع الاحتلال من تكريس وقائع جديدة مثل الممرات الأمنية أو المناطق العازلة، لأن القبول بها يعني خسارة استراتيجية طويلة المدى.

ثانيا؛ بناء قيادة فلسطينية موحدة مستقلة عن الوصاية الأمريكية.


المشروع الأمريكي يسعى لفرض سلطة انتقالية من الخارج، ولهذا تحتاج المقاومة إلى إطلاق مبادرة فلسطينية داخلية تقوم على:

  • تشكيل جبهة وطنية موحّدة تضم فصائل المقاومة، القوى الوطنية، والشخصيات المستقلة.
  • هذه الجبهة تصبح البديل الوطني الشرعي لأي سلطة مفروضة، وتقطع الطريق على إنتاج قيادة وظيفية تُستخدم لإضعاف المقاومة.

ثالثا؛ تحريك الملف السياسي دوليًا خارج الهيمنة الأمريكية.


من المهم عدم ترك واشنطن تنفرد بالملف. يمكن للمقاومة أن تخلق ميزانًا دوليًا من خلال:

  • فتح قنوات مباشرة مع الصين وروسيا واستثمار امتناعهما عن التصويت لتعزيز دورهما السياسي.
  • الدفع نحو رعاية دولية متعددة الأطراف بدل التفويض الأمريكي الكامل.
  • تفعيل الضغط الدولي عبر مؤسسات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، بما يحمّل أمريكا وإسرائيل مسؤولية الجرائم المرتكبة في غزة.

رابعا؛ توسيع دائرة المقاومة الشعبية في الضفة والقدس.


إسرائيل تريد عزل غزة عن الضفة، وإفراغ القضية من بعدها الوطني الشامل.
لذلك يجب:

  • تعزيز المقاومة الشعبية في الضفة، وتفعيل نقاط الاشتباك، ورفع الضغط على المستوطنات.
  • ربط الجبهات سياسيًا وميدانيًا لمنع تمرير أي حل جزئي أو إقليمي يخصّ غزة وحدها.

خامسا؛ إطلاق معركة الوعي العالمية.


المعركة اليوم ليست عسكرية فقط، بل هي أيضًا معركة رواية ووعي.
ويتطلب هذا:

  • كشف حقيقة القرار الأمريكي وأنه يستهدف نزع السلاح وليس وقف الحرب.
  • إطلاق حملة عالمية بعنوان “لا إعمار دون حقوق”، تربط إعادة الإعمار بإنهاء الاحتلال لا بنزع السلاح.
  • الاستفادة من القانون الدولي وملفات الإبادة والتهجير ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

سادسا؛ الحفاظ على القدرات العسكرية وتطويرها.
مرحلة ما بعد القرار تتطلب يقظة كاملة:

  • تعزيز البنية العسكرية للمقاومة، وإعادة الانتشار الذكي، وتحصين الأنفاق الدفاعية.
  • تنفيذ عمليات نوعية محسوبة تمنع الاحتلال من فرض أمر واقع جديد.
  • رفع تكلفة أي محاولة لفرض “نزع السلاح” بحيث تدرك إسرائيل أنه خيار مستحيل سياسيًا وميدانيًا.

سابعا؛ إفشال مشروع السلطة الوظيفية المفروضة على غزة.


الرد الاستراتيجي يبدأ من الميدان ثم ينتقل إلى إدارة المجتمع. يمكن للمقاومة أن تحبط المشروع من خلال:

  • إطلاق لجان إدارة وطنية داخل غزة لتسيير الخدمات والحفاظ على صمود الناس.
  • منع أي قيادة تتشكل خارج الإرادة الفلسطينية من العمل على الأرض.
    إظهار أن الشرعية تُصنع في الداخل وليس في غرف المفاوضات الدولية.

الخلاصة.


قرار مجلس الأمن ليس بداية سلام، بل محاولة لإعادة صياغة غزة بما يناسب الأمن الإسرائيلي.
لكن المقاومة تمتلك القدرة على إفشال المشروع إذا جمعت بين:
قوة الميدان، وحدة الصف، الفعل السياسي الذكي، المعركة الإعلامية العالمية، والضغط القانوني الدولي.
بهذه الأدوات يمكن تحويل القرار الأمريكي من “تهديد استراتيجي” إلى ورقة بلا تأثير، والحفاظ على روح المقاومة وقوة غزة ومستقبل القضية الفلسطينية.
باختصار؛ الأهم الآن هو أن نعمل على نقاط القوة والزخم الذى اكتسبته القضية الفلسطينية وأهمها تعميق عزلة الصهيوني فكل الإجراءات الدولية مهما علا شأنها لن تمر بدون قبول إخواننا في حماس وهم قادرين بإذن الله على مواجهة الأمريكي والصهيوني على الارض.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى