الألتراس المغربية تجعل فلسطين «روحًا تسكن المدرجات» وتواصل نصرة قضايا الأمة

تواصل روابط مشجعي كرة القدم في المغرب (الألتراس) ترسيخ حضور القضية الفلسطينية في الملاعب، باعتبارها قضية مركزية ورمزًا للحرية والكرامة، رغم تراجع نسبي للتظاهر الشعبي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. ويرى متابعون أن المدرجات المغربية باتت فضاءً يعكس صوت الشعوب المقهورة ويعيد إحياء قضايا الأمة.
قال الباحث المغربي المتخصص في الرياضة جعفر لعزيز إن الألتراس في المغرب تسعى إلى إبقاء قضايا الأمة «حية وحاضرة»، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي وصفها بأنها «روح تسكن المدرجات ولن تفارقها حتى تحصل على استقلالها».
صوت الشعوب المظلومة
أوضح لعزيز أن مجموعات الألتراس تعتبر نفسها «صوتًا بديلاً للجماهير والشعوب المقهورة والمظلومة من السودان إلى فلسطين»، مشيرًا إلى أن هذه الروابط تبنت مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية، وترفض كل أشكال القهر والاستبداد، وتعبّر عن ذلك عبر الهتافات واللافتات والأناشيد.
وأضاف أن المدرجات المغربية أصبحت «مجتمعًا مغايرًا للفضاءات العمومية الصامتة»، ما جعلها مساحة مفتوحة للتضامن والتعبير الحر، وفي مقدمة ذلك الدفاع عن فلسطين وقضايا الشعوب العربية والإسلامية.
محو الصورة السلبية
أشار الباحث إلى أن انفتاح الألتراس على قضايا الأمة جاء أيضًا رغبةً في تصحيح الصورة النمطية المتداولة عنها بوصفها مجموعات «فوضوية» أو مخرّبة، معتبرًا أن التضامن مع فلسطين والسودان وغيرها من القضايا العادلة كان «السبيل الأجدى لتقديم وجه حضاري وإنساني عن هذه المجموعات».
وبيّن أن هذا التحول جعل الألتراس أكثر حضورًا وتأثيرًا، إذ تتفاعل المدرجات فورًا مع أي حدث يمس الشعوب المقهورة، لتصبح منصة تعبير مباشر لا تقيّدها المؤسسات الرسمية ولا الأيديولوجيات.
أشكال متعددة للتضامن
تعبر الألتراس في المغرب عن دعمها لقضايا الأمة عبر هتافات ولافتات ورسومات جداريات وأغانٍ تعبّر عن معاناة الشعوب، إضافة إلى رفع الأعلام وتنظيم حملات تضامنية.
فقد عبّر جمهور نادي المغرب الفاسي عن تضامنه مع سكان مدينة الفاشر السودانية، بعد الهجمات التي طالتها، عبر شعارات وهتافات في إحدى مباريات الدوري المحلي.
كما ردّد جمهور الوداد البيضاوي أغنية «أرض الصمود» الداعمة لفلسطين، خلال تقديم اللاعب الدولي حكيم زياش، في مشهد لاقى تفاعلًا واسعًا.
ويقول لعزيز إن مجموعات الألتراس العربية أنتجت «أكثر من أربعين أغنية» حول القضية الفلسطينية، ما يعكس مدى حضورها في الوجدان العربي.
بنية ثقافية مغربية
يرى الباحث أن تركيبة الألتراس في المغرب ترتبط بالثقافة المغربية والقيم الإسلامية، وأن أغلب هذه المجموعات تبنت ما يفترض أن يكون «ألتراسًا إسلاميًا» يقوم على التضامن والتآزر ونصرة المظلومين.
وأوضح أن رسائل الألتراس موجّهة للجماهير وللمؤسسات الرسمية والهيئات الدولية، ومفادها أن «الشعوب الحرة لن تتنازل عن مناصرة القضية الفلسطينية»، وأن تجاهل الحكومات لهذه القضية «سيبقى عارًا يلاحقها».
ويختتم لعزيز بأن فلسطين بالنسبة للألتراس المغربية «ليست مجرد شعار»، بل «روحٌ تسكن المدرجات» وستظل حاضرة «حتى تحصل على استقلالها».





