د. أسامة فوزي – متحف فرعوني مصري في إسطنبول وغزة كانت حاضرة مع السودان

قال الدكتور أسامة فوزي (أبو نضال)، على قناة كبسولة المتخصصة في اللغة والأدب والتاريخ العربي القديم والمعاصر، ان المتحف المصري المصغّر في إسطنبول، الذي أسسه الدكتور أيمن نور داخل مقر قناة الشرق، كانت تجربة ثقافية وتاريخية مميزة امتزجت فيها روح القاهرة مع نبض إسطنبول، وحضرت فيها غزة إلى جوار السودان في أسبوع حافل بالفعاليات.
أوضح د. فوزي أنه لا يستطيع مقاومة أي دعوة ذات طابع ثقافي أو فني، مشيرًا إلى أنه لبّى فورًا اتصال الصديق الدكتور أيمن نور الذي دعاه لحضور حفل توقيع كتابه الجديد «أوراق من مذكراتي»، إلى جانب افتتاح المتحف المصري المصغّر والأنشطة الثقافية المصاحبة التي امتدت على مدار نحو أسبوع كامل.
كتاب «أوراق من مذكراتي» وأسئلة إنسانية «بسيطة»
استعاد د. أسامة فوزي جزءًا من تجربته الصحفية القديمة مع الشاعر الكبير نزار قباني، حين فاجأه بأسئلة إنسانية بسيطة مثل: «هل تطبخ؟ هل تقلي بيضًا بنفسك؟» ليكشف جانبًا مختلفًا من شخصية الشاعر بعيدًا عن الأسئلة الثقيلة التقليدية.
وبالروح نفسها، وجّه د. فوزي مجموعة من الأسئلة «الخفيفة» للإعلامية دعاء حسن، حرم الدكتور أيمن نور، خلال جلوسهما في مكتب الأخير بعد حفل التوقيع، حيث سألها عن طريقة كتابة أيمن نور لكتابه، ومتى يكتب، وبأي أدوات يفضّل الكتابة.
وكشفت دعاء حسن، بحسب ما نقله د. فوزي، أن الدكتور أيمن نور كان يكتب في البداية بالقلم والورق على أوراق ثقيلة مائلة للصفرة تشبه ورق الجرائد القديمة، مستخدمًا قلمًا عاديًا من نوع «يوني بول»، قبل أن ينتقل تدريجيًا إلى الكتابة على الهاتف والآيباد، حيث يقضي ساعات متواصلة في تدوين مقالاته وذكرياته.
وأشارت إلى أن أسلوب أيمن نور في الكتابة أقرب إلى النثر الشعري الرقيق، وأن كتابه ذكّرها بنصوص نزار قباني النثرية، مؤكدة أنه يدوّن الكثير من القصص والأوراق التي لن تُنشر الآن لأسباب سياسية وقانونية، لكنها تمثّل جزءًا مهمًا من أدب المذكرات في العالم العربي.
المتحف المصري المصغّر: رسالة حضارية من القاهرة إلى إسطنبول
وصف د. فوزي المتحف المصري المصغّر في إسطنبول بأنه «متحف فرعوني مصري» حقيقي في قلب المدينة، يضم مجسمات دقيقة لآثار فرعونية، خاصة ما يتصل بعصر توت عنخ آمون، إلى جانب قاعة لشخصيات مصرية سياسية وفكرية وفنية معاصرة، ومكونات أخرى تعريفية بالتاريخ المصري.
ونقل عن السيدة دعاء حسن قولها إن هذا المشروع ليس «ترفًا» أو «تبذيرًا»، بل رسالة حضارية موجهة لأبناء الجاليات العربية في المنفى، لتذكيرهم بأنهم قادمون من بلدان ذات حضارة عريقة، وليسوا مجرد لاجئين مجهولي الهوية؛ فالمتحف محاولة لربط الأجيال الجديدة بتاريخها المصري والعربي بصورة محترمة وجاذبة.
كما أشارت دعاء إلى أنها زارت متحف اللوفر في باريس مؤخرًا، ورأت كيف تُعرض الآثار المصرية هناك، لكنها اعتبرت أن ما يقدَّم في متحف إسطنبول – رغم أن القطع فيه مقلّدة – أكثر حيوية من حيث السرد القصصي، حيث «يحكي كل تمثال حكايته»، في حين تُعرض كثير من القطع الأصلية في الخارج بشكل جامد لا يروي قصة كاملة.
أسبوع ثقافي: من غزة إلى السودان تحت رعاية المرزوقي
خلال أسبوع الفعاليات، شارك د. أسامة فوزي في ندوات وحوارات ثقافية وسياسية أقيمت تحت شرف الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، الذي حضر معظم الأنشطة وألقى كلمات متكررة، وأصبح – كما وصفه د. فوزي – «صديقًا قريبًا» بعد تكرار اللقاءات والدردشات الجانبية.
تضمّنت الفعاليات:
- ندوة موسّعة حول السودان، تناولت الأوضاع الإنسانية، جرائم الميليشيات، والنزوح الواسع الذي يشهده البلد، مع نقاش قانوني حول إمكان اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية استنادًا لقرارات مجلس الأمن الخاصة بدارفور.
- ندوة أخرى حول غزة والقضية الفلسطينية، ركّزت على دور الإعلام في كسر الرواية الغربية، وتوثيق الجرائم، وضرورة بناء حملات مناصرة مستندة إلى السردية الفلسطينية نفسها.
- لقاءات وحوارات جانبية حول الحصار على قطر، شارك فيها السفير التركي السابق في الدوحة فكرت أوزر، الذي وصفه د. فوزي بأنه «كنز من المعلومات» عن تلك المرحلة.
وشارك في هذه الفعاليات عدد كبير من الشخصيات العربية السياسية والفكرية والإعلامية، بينهم د. مهدي إبراهيم، د. زياد العالول، د. معتصم الكيلاني، د. أحمد طعمة، د. أسامة رشدي، د. ليلى نقولا، الصحفية مي الورداني، الناشط عبد الله عيسى، إلى جانب إعلاميين وحقوقيين من مصر وسوريا والسودان وفلسطين ودول عربية أخرى.
هدايا رمزية ولقطات ستتحول إلى حلقات
تحدّث د. أسامة فوزي عن بعض الهدايا الرمزية التي تلقاها خلال الافتتاح، من بينها أدوات كتابة تشبه الأقلام الريش القديمة، وكراسة مستوحاة من «متحف الورق الفرعوني»، وفناجين قهوة وعطْر وسبيكر، معتبرًا أن هذه التفاصيل الصغيرة تعبّر عن روح المشروع الثقافي الذي يمزج بين الماضي والحاضر.
وأوضح أنه صوّر معظم الفعاليات بكاميرا صغيرة وهاتف محمول، وأنه اختار مجموعة من اللقطات السريعة – من الافتتاح، وحفل توقيع الكتاب، وحواراته مع الضيوف، والمقابلة العابرة مع الإعلامية دعاء حسن – ليقدّمها في حلقة تعريفية على قناته، على أن تخصَّص حلقات مطوّلة لاحقًا لملف السودان والجرائم المرتكبة هناك، وللقضية الفلسطينية، وللنشاط الثقافي الذي ترعاه مؤسسة الدكتور أيمن نور وقناة الشرق من إسطنبول.
ويختم د. فوزي بالقول إن هذه التجربة أكدت له من جديد أن الثقافة والتاريخ يمكن أن يكونا جسرًا حيًّا بين الشعوب العربية وتركيا، وأن المتاحف والكتب والندوات ليست ترفًا، بل أدوات ضرورية لحفظ الذاكرة وصناعة وعي جديد في زمن الحروب والتشتيت.






