مقالات وآراء

د.تامر المغازي يكتب: موجة الجريمة في مصر تحليل ظاهرة العنف بين الشباب ومسؤولية المؤثرين الثقافيين

في مشهد مروع هز الرأي العام المصري مؤخرًا، لفظ تلميذ في الإسماعيلية أنفاسه الأخيرة على يد زميله في جريمة وصفت بـ”الوحشية”، لتضاف إلى سلسلة جرائم عنف مقلقة تشهدها مصر خلال السنوات الأخيرة.

هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي في إطار تصاعد ملحوظ في معدلات الجريمة، خاصة بين فئة الشباب والمراهقين.

تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع نسبي في جرائم العنف خلال السنوات الخمس الماضية، مع تركيز ملحوظ في الفئة العمرية بين 15 و25 عامًا. وقد سجلت محافظات القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية نسبًا أعلى في جرائم العنف الشبابي مقارنة بالمحافظات الأخرى.

يرى خبراء الاجتماع وعلم النفس أن جريمة الإسماعيلية الأخيرة تجسد تداخل عدة عوامل منها التربية الأسرية ضعف الوازع الأخلاقي وغياب الرقابة الأسرية و البيئة المدرسية وعدم كفاءة آليات حل النزاعات بين الطلاب و التأثيرات الثقافية بتعرض الشباب المتواصل لمحتوى إعلامي يمجد العنف .

أثارت أعمال محمد رمضان جدلاً واسعًا في الأوساط الثقافية والاجتماعية، حيث يتهمه نقاد بأن شخصياته السينمائية التي تروج لثقافة “البلطجة” و”القوة الخارقة” وتسخر من القانون تساهم في تشكيل وعي شبابي منحرف.

ويوضح علم الاجتماع ذلك بأنه “يتأثر المراهقون بشدة بالنماذج التي يقدمها الإعلام، خاصة عندما تأتي من نجوم محبوبين.

تقديم العنف كوسيلة لحل المشاكل يعطي شرعية غير مباشرة لهذه السلوكيات”.

من جهة أخرى، يدافع بعض المحللين عن دور الفن، مؤكدين أن الأعمال الفنية تعكس واقعًا موجودًا بالفعل ولا تخلقه، وأن المسؤولية الأولى تقع على الأسرة والمؤسسات التربوية.

ردود الفعل الرسمية والشعبية

أصدرت النيابة العامة بيانًا أكدت فيه أن القضية تحقق تحت إشراف النيابة العامة، بينما طالبت جمعيات حماية الطفل بتشديد الرقابة على المحتوى الإعلامي الموجه للشباب.

كما أطلق نشطاء على مواقع التواصل حملة بعنوان “فن بلا عنف” تطالب بمراجعة المحتوى الإعلامي الذي يقدم نماذج سلبية للشباب.

يطرح الخبراء عدة حلول للحد من انتشار العنف بين الشباب:

  1. تفعيل برامج التوعية في المدارس والجامعات لتعليم مهارات حل النزاعات سلميًا
  2. مراجعة المحتوى الإعلامي ووضع ضوابط أخلاقية للأعمال الفنية
  3. تعزيز الرقابة الأسرية وتنمية الوازع الديني والأخلاقي
  4. توفير الأنشطة الرياضية والثقافية البديلة لاستثمار طاقات الشباب
  5. إشراك المؤثرين والفنانين في حملات توعية ضد العنف

جريمة الإسماعيلية ليست مجرد حادثة فردية، بل جرس إنذار لمجتمع يواجه تحديًا حقيقيًا في الحفاظ على قيمه وأمنه.

مواجهة هذه الظاهرة تتطلب جهدًا مشتركًا من الأسرة والمدرسة والإعلام والدولة، في إطار استراتيجية متكاملة تعيد تأصيل ثقافة التسامح والحوار، وتوفر للشباب قدوات إيجابية تحفزهم على البناء بدلاً من الهدم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى