د.أيمن نور وأحمد عرابي.. عندما يُتهم الحلم وينفى صاحبه

لسنا عبيدا..بهذه الكلمة افتتح الدكتور أيمن نور حديثا من القلب عن الزعيم المصري الراحل أحمد عرابي، الذي أراد أن يحلم بمصر حرة قوية فتم عقابه بالنفى.
جلس الدكتور أيمن نور على كرسي التاريخ ليقص على أبناءه في المنفى، قصة فلاح مصري أصيل، ارتقى درجات ثم درجات في الجيش المصري وكان يمكن أن يسعى للحفاظ على موقعه.
يضيف نور في حديثه لكن عرابي قرر أن يقول كلمته، لسنا عبيدا لأحد وكانت النتيجة ثورة، من أهم ثورات مصر، قبل أن تنكسر بفعل الخيانة والغدر وتحالف بين الاستعمار والفساد الذي كان يحاصر مصر.
ما زال زعيم حزب غد الثورة يغرف من نبع التاريخ فيقول: لم يطلب أحمد عرابي شيئا لنفسه بل طلب جيشا قويا لمصر، يحارب فقط، بل إنه يوم ٣ ديسمبر دخل القفص في محكمة العباسية وصدر الحكم ضده من قبل الاستعمار بالإعدام، لكن الغريب أنه بعد دقائق قليلة بالحكم بالإعدام يصدر الحكم عليه بالنفى، فما أشبه اليوم بالبارحة.
يشرح نور مذكرات عرابي التي أدهشته؛ فيقول: هل كان من الأفضل له الإعدام أم المنفى؟ فالمشهد بدا كأنه مكتوبا بالدم بدلا من الحبر، يقف الزعيم أمام قضاة ليسوا بقضاة بل شهود زور على محاولة خنق صوت خرج من صدر مصر كلها، لم يكن عرابي متهما بل كان المتهم هو الحلم بالحرية والكرامة الإنسانية.
يضيف د أيمن نور في حديثه: تقترب اللحظة ويحمل عرابي في باخرة بريطانية وتذهب به إلى آخر بلاد الدنيا في جزيرة سيشل. وعندما قرأ الناس الخبر ذهبوا فورا إلى الميناء، منتظرين لأيام الزعيم عرابي قبل سفره، يريدون أن تتعطر عيونهم برؤية الزعيم، لكن الاحتلال رفض إنزال عرابي من الباخرة حتى ينفض الناس لكنهم أبوا.
عاش عرابي عشرون عاما في المنفى في ظروف صعبة وقاسية، على رجل في عمره، كان معه منفيين آخرين، منهم البارودي بعد إصابته بالعمى، ورجع عرابي أيضا بعد عشرون عاما وقد أصيب بتشويه سمعته، وقال نور إن هناك من التماثيل التي تقف خلفي الآن اتهموا عرابي بالخيانة.
حتى مصطفى كامل الزعيم الوطني اتهم عرابي بأسوأ الاتهامات، واعتبره سببا في احتلال مصر، كما أن احمد شوقي هجاه بأبيات لم يستطع د.أيمن نور أن يذكرها في حديثه لقسوتها.
أشار نور في حديثه أن عرابي أنشأ مؤسسة ثقافية في المنفى وعلم أهل الجزيرة اللغة العربية ونقل لهم كثير من الصور لمصر التي كانت متحضرة في ذلك الوقت، بل إن أهل الجزيرة جلبوا الطرابيش من الخارج لتقليد عرابي في هيئة وأطلقوا عليه الشيخ عرابي لصوته العذب في قراءة القرآن.
يختم نور حديثه بأن عرابي عاد بعد عشرين عاما ولم يزوه أحدا أو يذكره أحدا إلا ذما، حتى الأطفال حين كانوا يسألونه: هل أنت عرابي؟ فيقول: كنت عرابيا! وقد تعرض لهجوم لأنه طالب أن يموت في وطنه وعلى الأرض التي دافع عنها واعتبروها خيانة، ونشرت رسالته إلى اللورد كرومر حتى أن الأهرام كتبت: عودة الخائن أحمد عرابي.
وبنبرة حزن قال نور: إن مصر تظلم أولادها، ثم ترحم على الزعيم عرابي الذى عاد ليموت على الأرض التي دافع عنها، لكنه لم يعد عرابي، وكم كانت مصر بحاجة إلى عرابي الذي توفي في عشرين سبتمبر 1911، بعد عشر سنوات عاشها في السيدة زينب لم يطرق بابه أحد، ثم ختم زعيم حزب غد الثورة بقوله: إن آفة مصر النسيان والغدر بالخلان.






