
في الثالث من ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم بـ”اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة”، وهو المناسبة السنوية التي أعلنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1992 لتعزيز حقوق ورفاهية الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع المجالات الاجتماعية والإنمائية، وللدفع نحو زيادة الوعي بحياتهم وظروفهم في كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
و بحسب آخر تقارير منظمة الصحة العالمية، يعيش أكثر من مليار شخص – أي حوالي 15% من سكان العالم مع شكل من أشكال الإعاقة.
وتشير التقديرات إلى أن هذا العدد آخذ في الازدياد بسبب شيخوخة السكان وزيادة الأمراض المزمنة.
ومع ذلك، لا يزال الأشخاص ذو الإعاقة يواجهون حواجز متعددة تحول دون مشاركتهم الكاملة في المجتمع، بدءاً من الحواجز المادية وصولاً إلى التحيز الاجتماعي والتمييز المؤسسي.
شعار العام “إعادة البناء بشكل أفضل نحو عالم شامل للجميع”
على مدى العقود الماضية، شهد العالم تقدماً ملحوظاً في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أبرزها اعتماد “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة” في عام 2006، والتي صادقت عليها حتى الآن 185 دولة.
هذه الاتفاقية تمثل تحولاً نموذجياً في النظرة إلى الإعاقة من منظور الرعاية الاجتماعية إلى منظور حقوق الإنسان.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، لا يزال الطريق طويلاً لتحقيق الشمولية الكاملة.
فالكثير من البنى التحتية في مدن العالم تفتقر للتجهيزات اللازمة، ونظم التعليم لا تزال تعاني من فجوات في الدمج، كما أن سوق العمل يحتاج إلى مزيد من التكيف لتوفير فرص عمل لائقة ومنصفة للأشخاص ذوي الإعاقة.
مبادرات ملهمة حول العالم في هذا الإطار، تشهد العديد من الدول مبادرات ملهمة، مثل:
سنغافورة التي أطلقت خطة رئيسية للتمكين الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة حتى عام 2030.
الإمارات العربية المتحدة التي تبنت سياسات رائدة في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مناحي الحياة.
كندا التي سنت قانوناً للوصول الكندي للأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2019.
الأردن التي نفذت برامج لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص.
في هذا اليوم العالمي، يدعو الخبراء والمؤسسات الحقوقية إلى تعزيز التشريعات الوطنية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان مشاركتهم الكاملة.
و تصميم سياسات واستراتيجيات إنمائية شاملة تلبي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.
والاستثمار في البنى التحتية والتكنولوجيات المساعدة التي تيسر حياة هذه الفئة.
وكذلك تغيير الصور النمطية والتحيزات الاجتماعية عبر الحملات التوعوية.
و ضمان مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في صنع القرارات التي تمس حياتهم.
اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو تذكير سنوي بأن الإعاقة جزء من التنوع البشري، وأن المجتمع الشامل الذي يوفر فرصاً متكافئة للجميع ليس ترفاً، بل ضرورة إنسانية وأخلاقية واجتماعية.
فالاستثمار في إزالة الحواجز أمام الأشخاص ذوي الإعاقة لا يفيدهم وحدهم، بل يثري مجتمعاتهم بأكملها، ويكشف عن طاقات إبداعية وإنتاجية كانت ستضيع في غياب البيئة الداعمة.
عالم يتسع للجميع ليس حلماً بعيد المنال، بل هو ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية والاجتماعية لتحقيقه.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا اليوم ماذا سنفعل، كل من موقعه، لجعل مجتمعاتنا أكثر شمولاً وعدلاً؟





