
“يقولون ليس كل من يستحق الفرصة يحصل عليها” فكثير من الشخصيات المجتهدة قد لا تجد لنفسها مكانا يُرضى اجتهادها، ويكافئ صدقها وإخلاصها في العمل، وقد رأيت تلك الخصال في الصديق النبيل هشام إسماعيل، منذ أن تعرفت عليه قبل سنوات في بلاد الغربة، التي تفرز الغث من السمين والذهب من الصفيح، ثم تأتي المواقف فتزيد الذهب لمعانا والحديد صدأ، وقد رأيته مذ أن عرفته ثابتا في موقفه، وإن كان لا يروق للبعض، فتعرض لكثير من الهمز واللمز كعادة بنى الإنسان مع كل مختلف محسوب على فكر أو تيار أو حتى شخصيات.
تجلى اجتهاد هشام في سنوات ضاغطه فرضت عليه تغيير تخصصه بعد وصوله إلى إسطنبول، فأبدع وابتكر في التصميم والمونتاج وتقدم على غيره، لكن اللافت في شخصيته هو حبه لما يعمل، وإن لم يلق الصدى اللازم والمستحق ممن حوله، كنت دائما أراه يشرح كيف فعل هذا بتلك الطريقة وكيف جاءت الفكرة لتنفيذها بهذه الصورة وهكذا..، كان يفرح وهو يشرح لمن يجهل تخصصه كأنه يقول له: هذا عملي ما رأيك؟ وتلك فكرتي فهل استحسنتها؟ فهناك من كان يحقد وهناك من كان يُثني، وكنت واحدا منهم، لأننى أدرك تمام الإدراك أن الثناء الجميل لكل مجتهد يزده اجتهادا وإبداعا، فهذا أقل ما يستحقه، ولا يتحلى بتلك الخصال الطيبة إلا أسوياء النفوس ومن يتعاملون مع الناس بقلب سليم ويحملون في نفوسهم جانبا من التفرد والإبداع.
ثم جاءت مرحلة جديدة مع طرح فكرة إنشاء مركز ثقافي مصري في إسطنبول ليحظى هشام بثقة معلمه الأول حسب ما كان يقول وهو الدكتور أيمن نور، الذي أولى له رئاسة المركز وهو اختيار مبنى على الحسنيين، الثقة والمهارة، وقد كان هشام عند حسن ظن الاختيار، فتابع وعرق واجتهد ليظهر افتتاح المركز في أبهى صورة ممكنة، وعندما كنت أتحدث معه متأخرا أجده يعمل حتى بعد منتصف الليل، وذلك قبل افتتاح المعرض الفرعوني للتراث المصري والثقافي، كان يرى أن المسؤولية أمانة وعليه أن يحملها أيضا بأمانة، فسهر وضاعف اجتهاده ليكون على قدر المسؤولية والاختيار.
وقد ظهر هشام في تكريمات أمس بجوار د.أيمن نور تكليلا لدوره في إنجاح المعرض مع غيره من زملاءه المجتهدين، ومن هنا أقول له: لقد كنت على قدر المهمة يا صديقي العزيز، وأنت تعلم وأنا أعلم والحجر والشجر والحيطان والحيتان في المحيط وسيارات معرض استوتش وسكان باتا شهير وعم أبو محمد السوري، أن هذا الكلام سيضيق به صدر البعض، لذلك لا تهتم، ولا تلتفت فقد عرف كل إنسان مكانه، فما أسهل الاتهام على النفس وما أصعب الإنصاف وأشده على من في قلوبهم مرض، فاستمر ولا تنظر إلى قول أو فعل، فأنت ميزان نفسك وقد نالني من الأذى ما أنت به أعلم، لكن الأزمات ضروروية ليتحقق قول الله في الحاقدين: أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يُخرج الله أضغانهم؟ وليس هناك مثل النجاح طريقة ليخرج كل حاقد حقده وكل فاشل فشله وكل حقير حقارته.







