العالم العربي
تسريب يكشف 134 ألف ملف و33 ألف صورة لمعتقلين في سجون الأسد بينهم رُضّع بين عاميّ (2015–2025)

حصلت هيئة الإذاعة الألمانية NDR على 134 الف ملف من ملفات مخابرات الأسد وشاركتها مع الكونسورتيوم الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، يكشف تحقيق «ملف دمشق» البنية العميقة لأجهزة الأمن السورية خلال حكم بشار الأسد، وشبكة علاقاتها الإقليمية والدولية.
على مدى ثمانية أشهر، عملت أكثر من 24 مؤسسة إعلامية عالمية على تحليل الوثائق، ومراجعة الخبراء، ومقابلة عائلات المفقودين، وفحص بيانات تمتد لأكثر من ثلاثة عقود.
- آلة الإخفاء القسري
تكشف الوثائق عن سياسة دولة اعتمدت الاعتقال الجماعي والإخفاء القسري كأدوات مركزية للسيطرة. اختفى ما لا يقل عن 160 ألف سوري داخل شبكة الاعتقال، فيما كانت الجثث تُحوَّل إلى مستشفيات عسكرية مثل حرستا وتشرين حيث تُدوَّن أسباب وفاة مزيفة مثل:
“توقف القلب” أو “توقف القلب والرئة” لإخفاء التعذيب.
يمثّل كل ملف حياة أُلغيت، وعائلة تُركت بين اليأس والأمل، في منظومة بيروقراطية مصممة لدفن الجريمة داخل ورق رسمي مختوم. - أكبر أرشيف صور لضحايا التعذيب
حصل التحقيق على أكثر من 70 ألف ملف وصورة، بينها 33 ألف صورة عالية الدقة لمعتقلين قضوا داخل سجون النظام بين 2015 و2024.
وتكشف الصور منهجية مُحكمة:
ترقيم كل جثة برقم فردي
تصويرها من عدة زوايا
وضع بطاقات بيضاء على الجثمان تحمل رقم المعتقل
كتابة الرقم بالعلامة السوداء على الذراع أو الساق أو الجبهة أو الجذع
أو إضافته رقميًا على الصورة
فهرستها ضمن مجلدات مصنّفة بدقة عسكرية
إرسالها لاحقًا إلى القضاء العسكري لتوقيع “الوفاة”
كان المصوّر العسكري يرتدي أحذية مطاطية أو أغطية جراحية، ويُلتقط الصور بزاويا قريبة تُظهر تفاصيل الوجه، وأخرى بعيدة تُظهر كامل الجسد، وثالثة جانبية توضح آثار القيود والتعذيب. - تفاصيل وضعيات الجثث كما كشفتها الصور
من بين أكثر المشاهد قسوة:
جثث مكدّسة فوق بعضها مثل أكوام الحطب — أذرع نحيلة متشابكة، عظام الترقوة والضلوع بارزة، ووجوه نصف مفتوحة، في مشهد يُجسّد التجويع الممنهج.
جثث لرجال عراة تمامًا، تبدو آثار الضرب واضحة على الظهر والرقبة والفخذين.
ضحايا برؤوس حليقة قسرًا، وأجساد تحمل علامات التعليق من المعاصم لساعات طويلة.
جثث بأعين زجاجية باهتة، وأخرى بشفاه متشققة من الجفاف، وأقدام متورمة تشير إلى تقييد عنيف طويل.
جثث تُظهر حفَراً في اللحم ناجمة عن أدوات حادة أو حروق سجائر أو صواعق كهربائية. - ضحايا بعينهم كما وردوا في الصور
الرقم 3659: جسد هزيل على سطح معدني، أسنان متشققة صفراء، عينان معتمتان كزجاج مُثلّج.
الرقم 4038: رجل عارٍ ملقى في مؤخرة شاحنة، الذباب يتغذى على بقع الدم المنتشرة على جسده المنكمش.
الرقم 1174 – الناشط مازن الحمادة: يرتدي زي السجن، آثار القيود على معصميه، وقدمان عاريتان تحملان كدمات.
الرقم 2389 – طفل حديث الولادة: أصغر الضحايا سناً… رضيع موثّق بالطريقة ذاتها التي صُوِّرت بها جثث الرجال، في واحدة من أفظع الشهادات على توسع دائرة القتل لتشمل حتى المواليد الجدد. - شبكة علاقات دولية مريبة
كشفت الوثائق أن وكالات أممية عاملة في دمشق دفعت 11 مليون دولار لشركة أمنية سورية اتضح لاحقًا أنها مملوكة لجهاز استخبارات تابع للنظام. ورغم التحذيرات الحقوقية في 2022، استمرت العقود لعامين إضافيين.
كما أظهرت مذكرة موقعة من فيصل المقداد أن موظفي الشركة كانوا مكلّفين بمراقبة موظفي الأمم المتحدة لصالح المخابرات. - صور تفضح نظام القتل
تحليل ICIJ وNDR لمئات الصور كشف أن غالبية الضحايا عانوا من:
الجوع الشديد
الكدمات والكسور
آثار القيود
التجريد الكامل من الملابس
تشوّهات نتيجة التعذيب
وقال ضابط سابق مسؤول عن وحدة حفظ الأدلة (2020–2024)، وسرّب جزءًا من الأرشيف:
“هناك عائلات يجب أن تعرف الحقيقة.” - السقوط… والبحث عن المفقودين
بعد سقوط النظام في ديسمبر 2024، تدفقت العائلات على السجون والمشارح والمقابر بحثًا عن أي أثر.
فتّشوا بين كتابات الزنازين، وبقايا الملابس، وعظام المقابر، لكن آلاف العائلات لم تجد شيئًا.
وقد شاركت NDR قوائم الضحايا مع:
الهيئة الأممية للمفقودين
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
مبادرة تعافي
لمساعدة الأهالي على التعرف على المفقودين. - امتداد لصور قيصر… ولكن أضخم
تمثل صور «ملف دمشق» أكبر امتداد لصور “قيصر” التي ظهرت عام 2014.
الصور الجديدة تكشف استمرار عمليات القتل أحد عشر عامًا إضافيًا، وبوتيرة أكثر تنظيماً ووحشية.
رغم أن هذه الوثائق لن تعيد من رحلوا، فإنها تمنح الضحايا — وبينهم الطفل رقم 2389 — مكانًا ثابتًا في الذاكرة، لا يمكن لأي سلطة أن تمحوه بعد الآن.





