مقالات وآراء

د. سمير عبد العزيز: خفض الفائدة الأمريكية مرتين يطلق موجة تيسير نقدي تؤثر على الاقتصاد العالمي والخليجي

كتب الخبير واستشاري نظم الحوكمة والاستثمار الدكتور سمير عبد العزيز تعليقًا موسعًا حول توجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى تنفيذ خفضين متتاليين لأسعار الفائدة، في خطوة تشير إلى دخول السياسة النقدية الأمريكية مرحلة تيسير تدريجي بعد دورة تشديد عنيفة استمرت خلال عامي 2022 – 2023، ووصلت فيها الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ بداية الألفية.

وقال عبد العزيز إن الخبر يعكس توقع الأسواق بأن الفيدرالي بات يميل إلى تيسير نقدي تدريجي، بخفضين متتاليين بواقع 25 نقطة أساس لكل منهما، أحدهما مرجح خلال الأسبوع القادم، والثاني خلال الربع الأول من 2026، وفق تحليل بنك قطر الوطني QNB.

انعكاسات القرار على الاقتصاد الأمريكي

أوضح الخبير أن هذا الاتجاه من الفيدرالي يحمل رسائل متعددة، أبرزها:

  • تباطؤ التضخم واقترابه من المستهدف (نحو 2%).
  • دعم النمو الأمريكي وأسواق المال عبر تخفيف تكلفة الاقتراض وخدمة الدين.
  • تعزيز جاذبية الأسهم والعقارات والأصول المالية.
  • تخفيف الضغط على الشركات المثقلة بالديون، وتحسين فرص التمويل المستقبلية.
  • تأكيد أن السياسة النقدية الأمريكية تتجه إلى نهج أكثر استقرارًا وتوقعًا، ما لم تحدث صدمات تضخمية جديدة أو تطورات جيوسياسية حادة.

كما رجّح عبد العزيز أن القطاعات المعتمدة على التمويل—مثل العقار والاستهلاك والسيارات—ستستفيد تدريجيًا، مع بقاء الفائدة عند مستويات تاريخية مرتفعة لكن أقل من ذروتها.

تأثيرات عالمية واسعة

وأشار الخبير إلى أن خفض الفائدة الأمريكية ينعكس عادة على الاقتصاد العالمي عبر عدة مسارات:

  1. انخفاض نسبي في قوة الدولار، ما يقلل أعباء خدمة الديون المقومة بالدولار على حكومات وشركات الدول النامية.
  2. تحسن شهية المخاطرة عالميًا، وعودة التدفقات الاستثمارية نحو الأسواق الناشئة.
  3. دعم أسعار السلع الأساسية والنفط على المدى المتوسط، نتيجة ضعف الدولار وتحسن التوقعات الاقتصادية العالمية.
  4. تسهيل التمويل للدول ذات المديونية العالية، خاصة في شمال أفريقيا وشرق المتوسط، مع ازدياد قدرة المستثمرين على شراء السندات والأصول.

الدلالات على منطقة الشرق الأوسط

وأوضح عبد العزيز أن تأثيرات الفيدرالي تمتد مباشرة إلى المنطقة العربية، خصوصًا الدول ذات المديونية المرتفعة المقومة بالدولار، حيث يسهم خفض الفائدة في:

  • تقليل فاتورة خدمة الدين.
  • تسهيل إعادة التمويل.
  • زيادة الإقبال على سندات الدول.

أما الدول المستوردة للطاقة، فقد تتحمل عبئًا إضافيًا إذا ارتفعت أسعار النفط، لكنها قد تستفيد من تحسن السياحة والاستثمارات والتحويلات.

انعكاسات مهمة على دول الخليج

نظرًا لارتباط عملات دول الخليج بالدولار الأمريكي، فإن قرارات الفيدرالي تنتقل تلقائيًا تقريبًا إلى المنطقة، وأبرزها:

  1. احتمالات خفض مماثل للفائدة في دول الخليج (قطر، السعودية، الإمارات، البحرين، عُمان).
  2. تنشيط الائتمان: تمويل الشركات، العقار، التمويل الاستهلاكي.
  3. تعزيز أسواق الأسهم والعقار نتيجة انخفاض تكلفة الاقتراض.
  4. زيادة جاذبية الاستثمارات الخليجية، خصوصًا مشاريع الطاقة والبنية التحتية والتحول الاقتصادي المرتبطة برؤى الخليج 2030.

أثر خاص على قطر

قال الدكتور عبد العزيز إن خفض الفائدة الأمريكي، والتابع له في قطر، يمكن أن يدعم:

  • تمويل توسعات الغاز الطبيعي المسال.
  • المشروعات المرتبطة بمونديال آسيا 2036 والفعاليات الرياضية الكبرى.
  • إقبال المستثمرين الدوليين على أدوات الدين القطرية والأسهم المحلية.
  • توسع القطاع الخاص في الخدمات واللوجستيات والسياحة والتكنولوجيا.

المخاطر والتحفظات

رغم الصورة الإيجابية، حذّر الخبير من ثلاث نقاط أساسية يجب رصدها:

  1. مخاطر عودة التضخم إذا خفّض الفيدرالي الفائدة مبكرًا قبل هدوء سوق العمل.
  2. حساسية الأسواق للبيانات المفاجئة المتعلقة بالتضخم والبطالة.
  3. الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، التي قد تعيد تقييم سياسات الفيدرالي وتربك حركة التجارة وأسعار الطاقة.

خلاصة التحليل

اختتم عبد العزيز تحليله بالتأكيد على أن خفض الفائدة الأمريكية يمثل بداية تحول واضح في دورة السياسة النقدية العالمية، مع تأثيرات إيجابية متوقعة على:

  • الأسواق المالية.
  • الاستثمارات الدولية.
  • الاقتصادات الخليجية والعربية.

مع ضرورة متابعة التضخم الأمريكي والملفات الجيوسياسية كعوامل حاسمة في مسار الفائدة القادم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى