حمدين صباحي: من بيت جن إلى غزة.. خارطة المقاومة في مواجهة مشاريع الهيمنة

تستعرض حلقة «من بيت جن إلى غزة.. خارطة المقاومة في مواجهة مشاريع الهيمنة» قراءة شاملة للمشهد الإقليمي والدولي، انطلاقًا من شرارة الأمل التي فجّرتها بلدة بيت جن في جنوب سوريا، وصولًا إلى غزة وفنزويلا ولبنان، باعتبارها جميعًا محطات على خط واحد في مواجهة مشاريع السيطرة الأمريكية–الإسرائيلية ومحاولات إخضاع الشعوب.
يرى صباحي أن ما جرى في بيت جن، حين تصدى الأهالي لدورية إسرائيلية بالسلاح وأجبروها على الانسحاب رغم الثمن البشري الكبير، يمثّل نموذجًا مضيئًا لقدرة الشعوب على كسر الهيمنة، مشددًا على أن هذه اللحظة لا يجب أن تُقرأ كحادث محلي محدود، بل كرسالة استراتيجية تقول إن المقاومة الشعبية قادرة على قلب المعادلات، حتى في أكثر اللحظات قسوة وظلامًا.
بيت جن.. شرارة أمل في وجه مشروع «حلف الأقليات»
يعود صباحي إلى زيارة بنيامين نتنياهو لجنوب سوريا برفقة وزيري الدفاع والخارجية، معتبرًا أنها لم تكن جولة عسكرية عادية، بل إعلانًا عن مشروع توسعي يريد فرض وقائع جديدة على الأرض السورية، عبر إنشاء مناطق عازلة وتكريس احتلال مساحات أوسع، وبناء ما يسميه نتنياهو «حلف الأقليات» على حساب وحدة سوريا ومصالح شعبها.
ويؤكد أن محاولة تجنيد بعض السوريين ضمن هذا الحلف تكرار فاشل لتجارب سابقة في لبنان وغزة، وأن التاريخ يثبت أن العملاء ينتهون مهزومين، بينما تبقى الشعوب ومقاومتها، كما حدث مع مليشيات «جيش لبنان الجنوبي» التي سقطت مع تحرير الجنوب. في هذا السياق، يضع صباحي ما قامت به بيت جن: قرية صغيرة تحولت إلى عنوان كبير، واجهت بالرصاص عدوان دورية إسرائيلية جاءت لاعتقال بعض أبنائها، فكان الرد الشعبي المباشر هو إطلاق النار، وإيقاع إصابات في صفوف الجنود، وتقديم شهداء دفاعًا عن الأرض والكرامة، لتصبح بيت جن «وجه سوريا المضيء المقاوم» كما يصفها.
لبنان، فنزويلا، غزة.. جغرافيا واحدة للمقاومة
ينتقل صباحي إلى لبنان، حيث يشدد على أن المقاومة اللبنانية قدّمت نموذجًا فريدًا في التضامن مع غزة، ودفعت ثمنًا باهظًا من الشهداء في الجيش والشعب والمقاومة، لكنها في المقابل أفشلت مخططات إسرائيل على مدى عام كامل من خروقات متواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار.
ويشرح بالأرقام كيف اخترقت إسرائيل الاتفاق آلاف المرات برًا وبحرًا وجوًا، في مقابل التزام لبناني رسمي وشعبي ومقاوم، معتبرًا أن الهدف الحقيقي لتل أبيب ليس فقط نزع سلاح المقاومة، بل دفع لبنان إلى حرب أهلية جديدة وتقويض نموذج الدولة المتماسكة القادرة على إدارة تنوّعها.
ويثني على موقف الجيش اللبناني وقيادته التي وصفت إسرائيل بوضوح بأنها «العدو»، ورفضت تحويل الجيش إلى أداة تنفيذ لإرادة الاحتلال.
وعلى الضفة الأخرى من العالم، يتوقف صباحي عند فنزويلا بوصفها حلقة في سلسلة مقاومة الهيمنة، منتقدًا قرار دونالد ترامب حظر الرحلات الجوية إليها، ومعتبرًا أن الحجة المتعلقة بـ«تجارة المخدرات» ليست سوى ذريعة لمعاقبة دولة رفعت رأسها في وجه السياسة الأمريكية، وأصرت على أن ثرواتها لشعبها لا للشركات العابرة للحدود. ويذكّر بمواقف كاراكاس المتقدمة دعمًا لفلسطين، ويرى في فنزويلا عنوانًا لمعركة عادلة ضد محاولة فرض نموذج واحد على العالم بقوة السلاح والمال.
وفي محطته الأخيرة، يتناول صباحي غزة وقرار مجلس الأمن الأخير بشأنها، معتبرًا أن هذا القرار لا يتجاوز كونه «هدنة مفروضة» تضع القطاع تحت شكل من أشكال الوصاية الدولية، وتفتح الباب أمام نزع سلاح المقاومة وعزل غزة عن الضفة الغربية، في عودة مقنّعة لمنطق الانتداب والوصاية.
ويشدد على أن وقف إطلاق النار، رغم أهميته في وقف شلال الدم، لا يغيّر حقيقة أن إسرائيل تواصل خرق الاتفاق، وتواصل الاعتداء على غزة ورفح، وتتحرك دائمًا لتثبيت وقائع جديدة على الأرض عبر الخطوط الملونة التي ترسمها ثم تتجاوزها: خط أخضر في فلسطين، وخط أزرق في لبنان، وخط أصفر في غزة.
خلاصة الرسالة: الشعوب أقوى من مشاريع الإخضاع
يؤكد صباحي في ختام الحلقة أن مصائر الشعوب لا تُحسم في الغرف المغلقة ولا على موائد التفاوض وحدها، بل بإرادة الناس، بوعيهم، وبقدرتهم على المقاومة والصمود. من بيت جن إلى بيروت، ومن كاراكاس إلى غزة، تتشكل – كما يقول – «خارطة مقاومة واحدة» في مواجهة منظومة هيمنة واحدة، وأن إشارات الأمل لا تنقطع مهما كانت العتمة، لأن الشعوب هي التي تكتب الكلمة الأخيرة حين تقرر أن تدافع عن أرضها وكرامتها وحقها في الحرية.


