ملفات وتقارير

تقرير موسّع: شبكات التمويل الأمريكية الخفية behind توسّع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية

تُظهر معطيات جديدة وجود شبكات تمويل أمريكية تعمل خلف ستار “العمل الخيري” لدعم الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بعيدًا عن أي رقابة رسمية من السلطات الأمريكية. وتساهم هذه الشبكات—التي تضم منظمات يهودية وصهيوأمريكية—في تمويل مشاريع استيطانية بشكل مباشر، رغم التأكيد الدولي المتكرر على عدم قانونية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتشير الأمم المتحدة إلى أن النشاط الاستيطاني يُعد خرقًا للقانون الدولي ويقوّض فرص تنفيذ حل الدولتين، بينما تستمر تلك المنظمات في تحويل ملايين الدولارات إلى المستوطنات، خصوصًا في الخليل، تحت غطاء “التبرعات الخيرية”.

من بروكلين إلى الخليل: الصندوق الذي يقود التمويل

يُعد “صندوق الخليل” واحدًا من أبرز المنظمات التي تمول الاستيطان. تأسس الصندوق عام 1979 على يد الحاخام إتسحاق بيخمان، وأصبح لاحقًا أكبر ممول لحركة المستوطنين في مدينة الخليل. وتشمل عملياته دعم مشاريع اقتصادية واجتماعية ودينية لصالح المستوطنين.

يقع المقر الرسمي للصندوق في حي بروكلين بمدينة نيويورك، ويُصنف منظمة خيرية أمريكية رغم أن نشاطه الأساسي هو توجيه أموال معفاة من الضرائب إلى المستوطنات الإسرائيلية. وتشير تقارير عديدة إلى أن الصندوق يعمل في الخفاء ويتجنب الكشف عن مصادر تمويله أو الجهات التي يستفيد منها.

وتكشف معطيات منشورة سابقًا أن الحاخام المؤسس كان “فخورًا بأن جميع أبنائه وأحفاده استقرّوا في إسرائيل”، ما يعكس ارتباط المؤسسة بفكر استيطاني عقائدي وليس مجرد “نشاط تبرعي”.

أهداف استيطانية واضحة تحت غطاء المساعدات الإنسانية

يقدم “صندوق الخليل” نفسه كمنظمة تعمل في إطار القانون وتقدّم مساعدات إنسانية. لكنه يدعم، وفق وثائق رسمية، مشاريع أمنية وتعليمية وثقافية في المستوطنات، إضافة إلى توفير دعم مالي مباشر للمستوطنين، بمن فيهم عناصر شرطة وجيش.

وتشير بيانات لجهات إسرائيلية إلى أن الهدف المركزي للصندوق هو حشد التأييد للاستيطان في الضفة الغربية (يهودا والسامرة)، بما يشمل تعزيز الوجود اليهودي في الخليل و”أرض إسرائيل”، وفق مصطلحات الصندوق.

ويعيش اليوم أكثر من 700 ألف مستوطن في الضفة الغربية، ويرتكب كثيرون منهم اعتداءات ممنهجة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا والاستيلاء على أراضيهم.

سرية تامة… وتمويل مباشر لاعتداءات المستوطنين

يعمل الصندوق بسرية ملحوظة، ويُخفي أسماء المتبرعين والمستفيدين، إلا أن تقارير إسرائيلية أكدت أنه منح دعمًا ماليًا لآلاف المستوطنين، بعضهم متهم بتنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين.

وقدّم الصندوق—إلى جانب منظمات أمريكية أخرى—تمويلًا لـ:

  • مستوطنين ارتكبوا جرائم إرهابية موثقة.
  • عناصر من “الحركة السرية اليهودية” التي نفذت عمليات قتل في الثمانينيات.
  • عائلات المدانين بقتل فلسطينيين، مثل عامي بوبر الذي قتل 7 عمال فلسطينيين عام 1990.
  • أفراد منظمة “بات عاين” المتطرفة الذين حاولوا تفجير مدرسة للبنات في القدس عام 2002.
  • عائلة إيجال عامير قاتل رئيس الوزراء إسحاق رابين.

كما تلقّت منظمة “هونينو” اليمينية المتطرفة—المعروفة بدفاعها عن منفذي اعتداءات ضد الفلسطينيين—ما نسبته 20% من دخلها من مانحين أمريكيين، أبرزهم “صندوق الخليل”.

رفع العقوبات والدعم السياسي الأمريكي للاستيطان

في يناير 2025، رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات كانت مفروضة على “صندوق الخليل”، في خطوة فُهمت كـ دعم حكومي مباشر لنشاط المنظمة.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات في أبريل 2024 على الصندوق ومنظمة “شلوم عسيريش” لدورهما في جمع أموال لمستوطنين مدانين بالعنف مثل:

  • ينون ليفي
  • ديفيد حاي حسداي

كما فرضت واشنطن عقوبات على المستوطنين نفسيهما بعد ارتكابهما أعمال عنف ضد الفلسطينيين.

ملايين الدولارات… عمليات تحويل مستمرة

تشير البيانات المالية المتاحة إلى أن “صندوق الخليل” حوّل خلال الفترة 2009–2013 حوالي:

  • 4.5 ملايين دولار إلى مستوطنات الخليل عبر جمعية مختصة بتجديد المستوطنات.
  • بين 2017 و2019 جمع الصندوق 2.4 مليون دولار تبرعات.
  • في 2019 وحده حوّل 1.7 مليون دولار لدعم الاستيطان في الخليل.

واستخدم جزء من الأموال في بناء حدائق وملاعب ومنشآت تهدف إلى “تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمستوطنين”، بما يعزز وجودهم في قلب المدن الفلسطينية.

جهات مانحة معروفة رغم السرية

رغم تكتم الصندوق، فإن تقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية كشفت عن جهات مانحة رئيسية، بينها:

  • مجموعة جولدمان ساكس (تبرعت بـ18 ألف دولار عام 2012، وبلغ مجموع تبرعاتها لمستوطنات الخليل 2.25 مليون دولار حتى 2016).
  • مؤسسة إيرفينغ موسكوفيتش الداعمة لشراء العقارات الفلسطينية في القدس الشرقية (300 ألف دولار عام 2017 للصندوق).

تمويل الإرهاب وتوسيع الاستيطان… تأثير مباشر على الواقع الفلسطيني

ساهم التمويل الأمريكي في تمكين المستوطنين من تنفيذ اعتداءات واسعة وتهجير قسري للفلسطينيين، وفي دعم مشاريع توسع استيطاني تشكل مقدمة لضم الضفة الغربية بالكامل لإسرائيل.

وخلال السنوات الأخيرة قتلت قوات الاحتلال والمستوطنون أكثر من:

  • 1092 فلسطينيًا في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
  • وأصابوا نحو 11 ألفًا.
  • واعتقلوا أكثر من 21 ألفًا.

ويحذر خبراء من أن ضم الضفة الغربية—الذي يجري تدريجيًا عبر التوسع الاستيطاني—سينهي بالكامل إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، كما تنص قرارات الأمم المتحدة.

خلاصة

يكشف تتبع نشاط “صندوق الخليل” ومنظمات مشابهة حجم الدور الأمريكي غير المعلن في تمويل الاستيطان الإسرائيلي عبر قنوات خيرية معفاة من الضرائب، ما يُسهِم في استمرار الاحتلال، وتوسيع رقعة المستوطنات، وتصعيد الاعتداءات بحق الفلسطينيين.

كما يُظهر التقرير كيف تحولت المساعدات “الإنسانية” إلى غطاء لتمويل منظمة تُسهم في الهندسة الديمغرافية وفرض واقع جديد في الأراضي المحتلة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى