
في مشهد يختزل التناقضات الأخلاقية التي تحكم سياسات الغرب تجاه الحرب على غزة، استخدمت شركات الدفاع التابعة لدولة الاحتلال تسجيلات من عدوانها الوحشي على القطاع لتسويق أسلحتها لعشرات الدول الأوروبية والآسيوية، وفق ما كشفته تقارير دولية حديثة.
وشهد “أسبوع تقنيات الدفاع” في تل أبيب، الذي عُقد يومي الاثنين والثلاثاء برعاية جزئية من وزارة دفاع دولة الاحتلال وجامعة تل أبيب، حضوراً واسعاً ضم أكثر من ألفي مشارك، بينهم وفود رسمية من دول تزعم علنًا أنها تنأى بنفسها عن جرائم الاحتلال.
وبحسب وول ستريت جورنال، عُرض خلال الفعاليات مقطع فيديو يظهر طائرتين مسيرتين هجوميتين تابعتين لجيش الاحتلال وهما تقتحمان مبنى في غزة قبل أن يتصاعد منه دخان كثيف، وذلك في إطار إبراز “فعالية” الأسلحة التي جُرّبت في سياق الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين.
دبلوماسيون أوروبيون… مقاطعة لفظية وحضور فعلي اندلعت الحرب على غزة عقب هجوم قادته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل فيه نحو 1200 شخص في جنوب دولة الاحتلال، وردّ جيش الاحتلال بحرب تدميرية غير مسبوقة أسفرت حتى اليوم عن استشهاد أكثر من 70,100 فلسطيني، في ما وصفه خبراء حقوقيون وقادة عالميون وأكاديميون والأمم المتحدة بأنه إبادة جماعية مكتملة الأركان، وسط استمرار سقوط الضحايا جراء خروقات الاحتلال المستمرة لاتفاقات وقف إطلاق النار.
ورغم إعلان الحكومة البريطانية منع المسؤولين الإسرائيليين من حضور معرضها الدفاعي الأكبر في لندن هذا العام، شاركت عشرات الشركات الدفاعية الإسرائيلية المرتبطة بالحكومة في الفعالية دون عوائق، كما زار مسؤولون من السفارة البريطانية في تل أبيب أجنحة العرض، واطلعوا على الأسلحة والتقنيات التي يسوّقها الاحتلال اعتمادًا على أدائها في غزة ولبنان.
وأكدت السفارة البريطانية للصحيفة الأميركية أن دبلوماسييها حضروا المعرض بالفعل.
أما النرويج، التي أعلنت قبل أشهر سحب استثمارات صندوقها السيادي—الأكبر في العالم—من شركة “كاتربيلر” الأميركية وخمسة بنوك إسرائيلية على خلفية انتهاكات حقوقية في غزة، فقد شارك ممثلوها كذلك في المعرض ذاته، رغم موقفها العلني الناقد للاحتلال، وأوضحت الصحيفة أن حضورهم يأتي في ظل إدارة الصندوق السيادي بشكل مستقل عن القرارات السياسية المباشرة.
شعبية عالمية متهاوية… وصادرات سلاح في أعلى مستوياتها بالتوازي مع الانهيار الكبير في صورة دولة الاحتلال حول العالم، والذي أظهرته استطلاعات معهد بيو للأبحاث خلال العام الجاري في دول من إيطاليا إلى اليابان، تستمر الحكومات، بما فيها الغربية، في شراء الأسلحة الإسرائيلية بمعدلات قياسية.
فقد سجلت صادرات السلاح لدى الاحتلال رقماً قياسياً بلغ 14.7 مليار دولار عام 2024، بحسب وزارة دفاعه، مع زيادة ملحوظة في حجم الصفقات مع الدول العربية، وذكرت الوزارة أن 57% من الصفقات كانت “صفقات كبرى” تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار، وأن الطلب ارتفع بشدة نتيجة “الإنجازات العملياتية” لجيش الاحتلال في غزة.
كما ارتفعت مبيعات الأسلحة للدول العربية التي وقّعت اتفاقات التطبيع (اتفاقيات أبراهام) من 3% عام 2023 إلى 12% العام الماضي، بينما كانت أوروبا الزبون الأكبر بـ54% من إجمالي الصادرات.
وشهد الأسبوع الجاري تسليم الاحتلال منظومة “آرو 3” للدفاع الجوي بعيدة المدى إلى سلاح الجو الألماني، في صفقة بلغت قيمتها 4 مليارات يورو (4.6 مليارات دولار)، وهي أكبر صفقة تصدير دفاعي في تاريخ دولة الاحتلال، وجرى توقيعها أول مرة في سبتمبر/أيلول 2023.
وفي أوروبا الشرقية، تتسارع خطوات التسلّح عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ أعلنت رومانيا في يوليو/تموز الماضي شراء منظومة دفاع جوي بقيمة ملياري دولار من شركة “رافائيل”، كما كثّفت اليونان، التي توترت علاقتها مع تركيا، مشترياتها من أسلحة الاحتلال، وصوّت برلمانها هذا الأسبوع على صفقة لشراء 36 منظومة مدفعية صاروخية من طراز PULS بقيمة 757.8 مليون دولار.
حضور آسيوي لافت وبحسب الصحيفة الأميركية، فقد حضرت وفود من دول آسيوية عديدة، بينها أوزبكستان وسنغافورة والهند، الفعالية الدفاعية، في مؤشر إلى اتساع سوق الأسلحة الإسرائيلية رغم الإدانات الدولية المتزايدة لجرائم الاحتلال.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)




