
في وثيقة ستُحدث دوياً عبر العواصم الأوروبية، أصدرت الإدارة الأمريكية “الاستراتيجية الأمنية الوطنية لعام 2025″، مُوجهةً تحذيراً صارخاً يُعيد تعريف التهديدات الجيوستراتيجية للغرب.
والمفاجأة الكبرى أن الخطر الوجودي المباشر لا يأتي من روسيا ولا الصين، بل من أوروبا نفسها، أو بشكل أدق، من التحولات الديموغرافية داخلها بسبب الهجرة الإسلامية السُنّية.
قلب التحالفات.. لماذا تخشى واشنطن أوروبا أكثر من موسكو؟
جاء في الوثيقة،التي هي نتاج “بحث طويل ومعمق”، أن التهديد يأتي من احتمال تفكك القارة العجوز وزوال هويتها.
الوثيقة ترى أن أوروبا، البالغ عدد سكانها 450.4 مليون نسمة، باتت على حافة الهاوية بسبب سياسات الهجرة واللجوء.
وحسب الاستراتيجية، فإن وجود ما يقرب من 25 مليون مسلم سُنّي حاليًا قد يتطور ليُشكّل تحولاً جذرياً في بنية المجتمعات والقوى.
النقطة الأكثر إثارة في التقرير تكمن في توقعه أن “نصف جيوش أوروبا سيكون من المسلمين خلال العشرين سنة المقبلة”، وهو سيناريو تصفه الوثيقة بأنه قد يمكن قوى إقليمية كـتركيا والمملكة العربية السعودية من “إحداث انقلاب أبيض داخل أوروبا دون إطلاق رصاصة واحدة”، عبر النفوذ الثقافي والديموغرافي.
وفقاً للتحليل، فإن واشنطن تضغط الآن بشكل غير مسبوق على حلفائها الأوروبيين لتبني سياسات هجرة صارمة، وترى في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى الحكم وسيلة “ضرورية” لطرد اللاجئين ووقف تدفقهم “قبل فوات الأوان”.
الوثيقة ترفع سقف التهديد إلى مستوى غير مسبوق بالانسحاب من حلف الناتو.
حيث تحذر واشنطن بشكل واضح من أنها “لن تدافع عن أوروبا أمام التمدد الروسي” إذا لم تُغيّر القارة سياستها الديموغرافية.
الهديد المحدد هو الانسحاب الأمريكي من الحلف بحلول عام 2026.
التوجيه الأمريكي، حسب الوثيقة، موجّه بشكل خاص إلى ألمانيا والسويد و فرنسا التي وصفت بأنهم “في فوهة المدفع .
هذه الدول التي استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين في السنوات الماضية، تُعتبر الأكثر عرضة للتحول الديموغرافي المفترض.
رد الفعل الأوروبي بدأ يظهر بشكل منفرد.
فقد اتخذت لندن وأوسلو خطوة استباقية بعقد اتفاق دفاعي مشترك لحماية مصالحهما في القطب الشمالي من التمدد الروسي، في إطار ما يُسمى “استراتيجية الاعتماد على الذات”، وكأنها استعداد لعالم ما بعد الضمانات الأمريكية التقليدية.
وتذهب الوثيقة إلى حد اتهام “دول في الشرق الأوسط” باستغلال الصراعات في سوريا والعراق وأفغانستان وغزة واليمن، لدفع موجات اللاجئين المسلمين السنة باتجاه أوروبا عمداً “لإغراقها”.
هذا التحليل يقدم رواية جديدة للصراعات الإقليمية، ليس كمعارك محلية، بل كفصول في حرب ديموغرافية كبرى.
والسؤال الان لماذا هرولة واشنطن لإطفاء الحرائق؟
تقدم الاستراتيجية إجابة واضحة لسؤال يتردد في أروقة السياسة العالمية لماذا تهرول الدبلوماسية الأمريكية ليل نهار لإخماد كل الصراعات من أفغانستان إلى غزة، مروراً بسوريا وأوكرانيا واليمن والسودان؟
الجواب، حسب الوثيقة، هو أن كل لاجئ يغادر منطقة النزاع بات كابوساً يهدد أوروبا ووحدتها ومستقبلها.
إطفاء الحرائق ليس لأجل السلام في ذاته، بل لمنع موجة بشرية تُعتبر التهديد الاستراتيجي الأكبر لواشنطن وحلفائها التقليديين.
بغض النظر عن درجة دقة هذه الوثيقة أو مصدرها الحقيقي، فإن تسريب مثل هذه الأفكار يعكس تحولاً جوهرياً في الخطاب الاستراتيجي العالمي.
فهو ينقل الصراع من ساحات المعارك التقليدية إلى ساحة الهوية والديموغرافيا، ويجعل من اللاجئ والمهاجر لاعباً رئيسياً في معادلة القوة الدولية.
السؤال الذي تتركه الوثيقة معلقاً هل نحن أمام استراتيجية أمنية واقعية، أم أمام تبرير أيديولوجي لتحولات تحالفية عميقة في النظام العالمي؟







