
في عصر يتحول فيه كل شيء إلى سلعة قابلة للتفاوض، يطل علينا شبح مخيف مواطن يُباع ويُشترى، ووطنية تتحول إلى شعارات جوفاء، وفساد يستشري كالنار في الهشيم.
عندما تصبح الهوية الوطنية مجرد ورقة في سوق المصالح، ويسقط الشرف والانتماء تحت أقدام الجشع، ماذا تبقى للأمة من قيمتها الجوهرية؟
الجسد السليم في الوطن السليم فالمواطن هو اللبنة الأساسية في بناء الوطن، وعندما تتحول هذه اللبنة إلى سلعة، ينهار البناء من أساسه.
التاريخ يعلمنا أن الأمم العظيمة بُنيت على قيم التضحية والنزاهة والانتماء، لا على تبادل المصالح وصفقات الظلام.
عندما يُباع صوت الناخب، أو تُشترى ذمّة الموظف العام، أو تُساوم المبادئ من أجل منصب، فإننا لا نخسر معاملة فحسب، بل نخسر روح الأمة.
الفساد هو السرطان الذي ينخر في جسد الوطن فالفساد ليس مجرد رشوة أو اختلاس، بل هو ثقافة تدمر القيم من جذورها.
عندما يعم الفساد، يصبح النزيه غريبًا، والشرف حمولة ثقيلة، والانتماء ضربًا من السذاجة.
الأبحاث تشير إلى أن المجتمعات التي ترتفع فيها معدلات الفساد تنخفض فيها الثقة العامة، ويتفكك النسيج الاجتماعي، وتضيع الهوية الوطنية في زحاف المصالح الشخصية.
الانتماء في موازين القيمة فالانتماء الحقيقي لا يُقاس بالكلام، بل بالفعل.
عندما تسقط نخبة المجتمع في فخ “المصلحة الشخصية”، وتتخلى عن شرف المسؤولية، فإنها ترسل رسالة خطيرة بأن الوطنية مجرد غطاء، والقيم مجرد كلام.
لكن التاريخ يخبرنا أن الأمم التي تنجو هي تلك التي تحفظ شرف انتمائها، حتى عندما تكون التكلفة باهظة.
الوطن ليس أرضًا فحسب، بل هو قيم وأخلاق وذاكرة مشتركة. حين تُباع هذه القيم في سوق المصالح، تصبح الأرض مجرد جغرافيا بلا روح.
النجاة تبدأ بالاعتراف بالمرض، وتستمر بإعادة الاعتبار للشرف والنزاهة والانتماء الحقيقي.
فالوطنية ليست شعارًا نرفعه، بل هي التزام نحمله في قلوبنا قبل ألسنتنا.
نداء أخير فلنعمل معًا لاستعادة القيمة الجوهرية لوطننا، بأن نكون حراسًا للشرف، مدافعين عن النزاهة، وحماة للانتماء الصادق، لأن الوطن، في النهاية، هو نحن.







