عصام الشريف: الانتخابات في مصر تحولت إلى انتهاكات منظمة والمنظومة الحزبية تحتاج إلى مراجعة شاملة

قال الصحفي عصام الشريف، رئيس تحرير موقع الحرية، فى برنامج بالورقه والقلم إن ما شهدته مصر خلال العملية الانتخابية الأخيرة لا يمكن وصفه بانتخابات حقيقية، بل يمثل – من منظور صحفي مهني – انتهاكات واضحة بدأت منذ وضع القواعد المنظمة للعملية الانتخابية.
وأوضح الشريف أن فكرة “القائمة الوطنية” في حد ذاتها تمثل إقصاءً سياسيًا، معتبرًا أن استبعاد مرشحين أعلنوا نيتهم الترشح دون إعلان أسباب واضحة أو شفافة يُعد انتهاكًا صريحًا لمبدأ تكافؤ الفرص.
وأضاف أن جمع أحزاب موالية وأخرى محسوبة على المعارضة داخل قائمة واحدة يطرح تساؤلات مشروعة حول جدوى الاختيار، قائلًا:
كيف يمكن للمواطن أن يميز بين البرامج؟
وكيف يدخل المعارض على قائمة موالية؟
وبأي منطق تُدار المنافسة داخل هذه القوائم؟
وأشار رئيس تحرير موقع الحرية إلى أن المنظومة الحزبية في مصر بحاجة إلى مراجعة شاملة، موضحًا أن وجود أكثر من 100 حزب سياسي، بينما لا يعبر عن الشارع فعليًا سوى عدد محدود، يمثل عبئًا على الدولة ولا يخدم الحياة السياسية.
وتساءل: لماذا تستمر عشرات الأحزاب الورقية في الحصول على مقاعد عبر القوائم وكأنها تعيين غير مباشر؟ ولماذا لا يتم فتح ملف التمويل الحزبي بشفافية؟
وطالب الشريف بأن يقوم الجهاز المركزي للمحاسبات بمراجعة الحسابات المالية للأحزاب، والتحقيق في شبهات شراء المقاعد وشراء الأصوات، مؤكدًا أن المال السياسي المستخدم في الانتخابات كان “فجًّا ومرعبًا”، سواء في الدعاية أو على الأرض.
ورفض تحميل المجتمع مسؤولية المشهد، قائلًا إن المشكلة ليست في المواطنين، بل في غياب حياة سياسية محترمة، حيث يفترض بالحزب السياسي أن ينزل إلى الشارع ويكسب ثقة الناس، لا أن يدخل البرلمان عبر قوائم مغلقة.
وضرب مثالًا بدوائر انتخابية في الصعيد، مشيرًا إلى دوائر تضم عددًا محدودًا من اللجان مقارنة بعشرات الآلاف من الناخبين، ما يجعل التصويت الفعلي شبه مستحيل، لافتًا إلى أن بعض المناطق تحولت إلى مناطق أمنية مشددة يوم الانتخابات، الأمر الذي دفع مواطنين للتظاهر بسبب عجزهم عن التصويت.
وأكد أن دوره كصحفي يقتصر على رصد الحقيقة فقط دون دعم أي مرشح أو طرف سياسي، مشددًا على أن أصحاب المصلحة الحقيقيين هم المواطنون الذين حُرموا من اختيار حر.
وانتقد الاستشهاد المتكرر بشخصيات سياسية من أجيال سابقة، متسائلًا: هل يعقل أننا في عام 2025 ولا تزال الساحة تفتقر إلى رموز سياسية جديدة تعبّر عن المجتمع؟
كما أشار إلى تصريحات بعض رؤساء الأحزاب التي تحدثت علنًا عن تخصيص عدد من الدوائر للمعارضة، معتبرًا أن هذا الخطاب يُهين وعي المواطن المصري، الذي يدرك أن المشهد مُدار سلفًا.
وأضاف أن هذا الواقع يفتح سؤالًا جوهريًا: لماذا تُجرى انتخابات إذا كانت النتائج معروفة؟ وهل يصبح التعيين أوفر للمال العام وأكثر صراحة؟
وفي ختام حديثه، حيّا الشريف تحركات أهالي الصعيد الذين خرجوا للاحتجاج، مثمنًا دور الصحافة المستقلة في توثيق ما جرى، مؤكدًا أن الحفاظ على ما تبقى من الثقة في المجال العام يتطلب مراجعة جادة وحقيقية للعملية السياسية برمتها.






