ملفات وتقارير

ملايين المسلمين في بريطانيا عرضة لخطر سحب الجنسية :تقرير

حذّر تقرير حقوقي بريطاني حديث من أن ملايين المسلمين في المملكة المتحدة باتوا مهددين بفقدان جنسيتهم البريطانية، نتيجة اتساع الصلاحيات القانونية الممنوحة لوزارة الداخلية، بموجب تشريعات أُقرت خلال السنوات الأخيرة، وخصوصًا قانون الجنسية والحدود لعام 2022.

التقرير أعدّته مؤسسة “رونيميد ترست” البريطانية المعنية بمكافحة العنصرية وعدم المساواة، بالتعاون مع منظمة “ريبريف” الحقوقية غير الحكومية، وسلّط الضوء على ما وصفه بـ**“خطر ممنهج وغير متكافئ”** يهدد المجتمعات المسلمة والأقليات العرقية في بريطانيا.

9 ملايين شخص مهددون قانونيًا بفقدان الجنسية

بحسب التقرير، فإن نحو 9 ملايين شخص في بريطانيا يُعدّون قانونيًا معرّضين لخطر سحب جنسيتهم البريطانية، استنادًا إلى تقديرات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية.

ويمثل هذا الرقم نحو 13% من إجمالي سكان البلاد، في مؤشر خطير يعكس اتساع نطاق الفئات المشمولة بإجراءات سحب الجنسية، والتي كانت في السابق محصورة بحالات استثنائية محدودة.

وأشار التقرير إلى أن هذه الصلاحيات لا تُطبّق بشكل متساوٍ على جميع المواطنين، بل تؤثر بشكل أكبر على فئات بعينها، في مقدمتها المسلمون والأقليات العرقية.

تمييز صارخ ضد غير البيض

كشف التقرير عن فجوة عرقية حادة في تطبيق قانون سحب الجنسية، حيث أظهرت البيانات أن:

  • 3 من كل 5 أشخاص من غير البيض في بريطانيا معرّضون لخطر فقدان جنسيتهم.
  • في المقابل، لا يتجاوز المعدل شخصًا واحدًا من كل 20 بين البريطانيين البيض.

واعتبر معدّو التقرير أن هذه الأرقام تعكس تمييزًا هيكليًا في التشريعات والممارسات الحكومية، بما يتعارض مع مبادئ المساواة وسيادة القانون.

المسلمون في دائرة الاستهداف

وأكد التقرير أن المجتمعات ذات الكثافة السكانية المسلمة العالية هي الأكثر تضررًا من هذه الصلاحيات، لاسيما المنحدرين من أصول:

  • باكستانية
  • بنغلاديشية
  • صومالية
  • نيجيرية
  • شمال إفريقية
  • شرق أوسطية

وأوضح أن كثيرًا من هؤلاء وُلدوا في بريطانيا أو عاشوا فيها طوال حياتهم، لكنهم يظلون مهددين بسحب جنسيتهم لمجرد وجود “صلة محتملة” بدولة أخرى، حتى وإن لم تكن لهم علاقة فعلية أو عملية بها.

قانون 2022… سحب الجنسية دون إشعار

سلّط التقرير الضوء بشكل خاص على قانون الجنسية والحدود الذي أُقر عام 2022، واعتبره نقطة تحول خطيرة في السياسة البريطانية.

وبموجب هذا القانون، بات من حق وزارة الداخلية:

  • سحب الجنسية البريطانية دون إشعار مسبق
  • اتخاذ القرار بشكل إداري، دون مراجعة قضائية فورية
  • تبرير القرار تحت مسمى “المصلحة العامة”

وأكد التقرير أن هذا النص القانوني يقوض حق الأفراد في الدفاع عن أنفسهم، ويحرمهم من الطعن في القرار قبل تنفيذه.

أكثر من 200 حالة سحب منذ 2010

ووفقًا للبيانات التي وثّقها التقرير، فقد:

  • تم تجريد أكثر من 200 شخص من جنسيتهم البريطانية منذ عام 2010
  • الغالبية العظمى من هؤلاء مسلمون
  • معظم الحالات استندت إلى مبررات فضفاضة تتعلق بـ“الأمن القومي” أو “المصلحة العامة”

وأشار التقرير إلى أن هذه الإجراءات تُستخدم كأداة سياسية وأمنية أكثر من كونها تدبيرًا قانونيًا استثنائيًا.

“تهديد ممنهج” للوجود المدني للمسلمين

وصف التقرير هذه السياسات بأنها تشكل “تهديدًا ممنهجًا” للمجتمعات المسلمة في بريطانيا، ليس فقط من حيث فقدان الجنسية، بل أيضًا من حيث:

  • الشعور الدائم بعدم الأمان القانوني
  • تقويض مبدأ المواطنة المتساوية
  • خلق فئة من المواطنين “المشروطين” بحقوق قابلة للسحب

وأكد أن هذه الممارسات تغذي الإسلاموفوبيا، وتُكرّس تصورًا بأن المسلمين “مواطنون من درجة ثانية”.

دعوات عاجلة لإلغاء القانون

في ختام التقرير، دعت مؤسسة رونيميد ترست ومنظمة ريبريف إلى:

  1. وقف فوري لجميع قرارات سحب الجنسية.
  2. إلغاء البند الخاص بسحب الجنسية دون إشعار من قانون 2022.
  3. إعادة الجنسية والحقوق المدنية لجميع من جُرّدوا منها بموجب هذه الصلاحيات.
  4. إخضاع أي قرار مستقبلي لسحب الجنسية لرقابة قضائية صارمة.

وأكدت المنظمتان أن استمرار العمل بهذه القوانين يُعرّض بريطانيا لانتقادات دولية، ويضعها في تناقض مباشر مع التزاماتها في مجال حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية.

خلاصة التقرير

يخلص التقرير إلى أن قضية سحب الجنسية في بريطانيا لم تعد مسألة أمنية استثنائية، بل تحولت إلى سياسة عامة ذات طابع تمييزي، تهدد ملايين المواطنين، وعلى رأسهم المسلمون، وتعيد طرح أسئلة جوهرية حول معنى المواطنة، وحدود السلطة، ومستقبل التعايش في المجتمع البريطاني.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى