مقالات وآراء

د تامر المغازي يكتب: من كابتن ماجد إلى طنان..عندما تتحول أحلام الطفولة إلى واقع مذهل

كم منا، وهو طفل، جلس مبهورًا أمام الشاشة يشاهد “كابتن ماجد” يسدد كرته السحرية من منتصف الملعب ليدخلها في الشباك في اللحظات الأخيرة؟

كان الأمر ضربًا من الخيال، لحظة درامية مُبالغ فيها لخدمة سرد الحلقة. لكن الفن أحيانًا، كما يبدو، لا يسبق الحياة فحسب، بل يلهمها أيضًا.

فقد عادت تلك الذاكرة الجماعية بقوة بعد التسديدة الخارقة للنجم المغربي أسامة طنان، والتي شبّهها الكثيرون فورًا بتسديدات بطلنا الكرتوني المحبوب.

كابتن ماجد… مدرسة الأجيال في “الاستحالة الممكنة”
لم يكن مسلسل “كابتن ماجد” مجرد رسوم متحرك كان منهجًا.

علّم ملايين الأطفال في العالم العربي والعالم معنى الإصرار، والعمل الجماعي، وأن المستحيل مجرد كلمة.

كانت الأهداف التي يسددها ماجد، خاصة تلك من مسافات بعيدة أو في الظروف المستحيلة (كالتي تتكرر بحلول الدقيقة 30 تقريبًا من كل حلقة لتحقيق النصر)، هي تجسيد بصري لفكرة “عدم الاستسلام”.

لقد زرع المسلسل قناعة عميقة بأن مجال المستطيل الأخضر هو مكان للمعجزات، شرط أن يكون لديك الإيمان والمهارة لمحاولة صنعها.

طنان يحوّل الخيال إلى حقيقة ملموسة ففي الدقيقة الثالثة من الشوط الأول في مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره الأردني، ضمن منافسات كأس العرب.

الكرة تصل إلى قدم أسامة طنان قرب دائرة منتصف الملعب تقريبًا.
معظم اللاعبين في مثل هذا الموقف المبكر من المباراة سيفكرون في التمرير أو بناء الهجمة.

لكن طنان نظر إلى موقع حارس مرمى الأردن، واستدعى ربما لا شعوريًا ذاكرة جماعية من طفولته وطفولة كل من شاهده.

بتسدديه واحدة قوية ومتقنة، أرسل الكرة في قوس ساحر تتجاوز يدي الحارس المنذهل لتستقر في الشباك.

كان هدفًا من عالم آخر، ليُسجّل باسمه كواحد من أروع أهداف البطولة.

تلاقي عالمين… ردود الفعل والرمزية لم ينتظر الجمهور طويلاً لربط الواقع بالخيال.

انهالت التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع من “كابتن ماجد” إلى جانب هدف طنان.
كتب أحد المتابعين “كابتن ماجد كان يدرب أسامة طنان وهو صغير”.

وآخر قال: “هذا الهدف كان يحتاج 30 حلقة من المسلسل ليحدث، وطنان سجّله في الدقيقة 3!”.

النقاش تجاوز كرة القدم ليتحول إلى ظاهرة ثقافية، تظهر كيف يمكن لأعمال فنية أن تصبح جزءًا من الوعي الجمعي وتلهم أبطالًا حقيقيين.

الكثيرون رأوا في الهدف أكثر من مجرد نقطة في شباك. رأوا تتويجًا لسنوات من التطور الكروي العربي، حيث لم تعد المهارات الخارقة حكرًا على الخيال أو على لاعبي أوروبا وأمريكا الجنوبية.

طنان بضربته تلك قال للعالم: “نحن هنا، ونستطيع صنع الإبهار”.

درس في الجرأة والإرادة
ما يجمع بين “كابتن ماجد” وأسامة طنان هو الجرأة على محاولة غير المتوقع.

ماجد لم يكن ليدخل ذلك الهدف لو فكر في أن المسافة بعيدة.

وطنان أيضًا، لو فكر في أن الوقت مبكر أو أن الخطر محدود لما حاول.

هذا الدرس يتجاوز أرضية الملعب إلى حياتنا اليومية القيمة تكمن في المحاولة الجريئة، حتى لو فشلت.

لكن عندما تنجح، فإنها تصنع تاريخًا.

من شاشة التلفاز إلى ميدان الملعب، تستمر رحلة الإلهام. هدف أسامة طنان كان تحية من جيل نشأ على حكايات البطولة، إلى تلك الحكايات نفسها.

هو برهان أن الخيال، عندما يلتقي بالموهبة والجدية ينتج واقعًا يفوق الخيال أحيانًا.

فشكرًا “كابتن ماجد” على تعليمنا أن نحلم، وشكرًا لأسامة طنان على تذكيرنا أن تلك الأحلام، بقليل من الشجاعة وكثير من الإتقان، يمكن أن تُسجّل في سجلات الواقع بأحرف من نور… أو بحكمة من قدم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى