السودانالعالم العربيالمغرب العربيمصر

عودة اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان إلى الواجهة مع تصعيد الأوضاع العسكرية

في ظل تصاعد الاشتباكات المسلحة داخل السودان، عاد ملف اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان إلى صدارة المشهد السياسي والعسكري، بعد إعلان مشترك من القاهرة والخرطوم عن بحث آليات تفعيلها، في توقيت يتزامن مع توسع العمليات العسكرية التي تقودها قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني في عدد من الأقاليم، وعلى رأسها ولايات كردفان.

وجاءت هذه التطورات عقب مباحثات رسمية جمعت قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي برئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في القاهرة، وسط تحذيرات متبادلة من تداعيات أمنية وإقليمية قد تمتد آثارها إلى خارج الحدود السودانية، ما أعاد فتح ملف الاتفاقية التاريخية الموقعة بين البلدين منذ عام 1976، والتي ظلت محل جدل سياسي وقانوني لعقود.

وجاء ذلك عقب لقاء جمع في القاهرة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، حيث دعا الجانبان إلى تفعيل الاتفاقية في ظل ما وصف بالتحديات الأمنية الراهنة التي تواجه البلدين.

اتفاقية تعود إلى عام 1976

وُقّعت اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان في 15 يوليو 1976، في إطار تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، ونصّت على اعتبار أي اعتداء مسلح على أحد الطرفين اعتداءً على الطرف الآخر، مع الالتزام باتخاذ جميع التدابير المشتركة لرد العدوان.

وحددت الاتفاقية مدة سريانها بـ 25 عامًا قابلة للتجديد تلقائيًا لمدة خمس سنوات، ما لم يُخطر أحد الطرفين الآخر برغبته في الانسحاب قبل عام من انتهاء المدة.

بنود تنظم التنسيق العسكري والسياسي

تضمنت الاتفاقية 8 بنود رئيسية، من أبرزها:

  • التنسيق الكامل في حال وقوع اعتداء مسلح.
  • تبادل المعلومات والتشاور الفوري عند ظهور تهديدات مفاجئة.
  • توحيد خطط تطوير القوات المسلحة.
  • إنشاء مجلس دفاع مشترك وهيئة أركان مشتركة.
  • عقد اجتماعات دورية للقيادات السياسية والعسكرية في البلدين.

خطوات التنفيذ الأولى

شهد عام 1976 عقد أول اجتماع لمجلس الدفاع المشترك في القاهرة، تلاه اجتماع هيئة الأركان المشتركة في الخرطوم، حيث وُقعت اتفاقيات لدعم التعاون العسكري.
وفي عام 1982، أُعلن عن ميثاق التكامل العسكري، الذي استهدف تنسيق الاستراتيجية الدفاعية، لكنه أثار جدلًا سياسيًا داخل السودان في ذلك الوقت.

إلغاء سوداني منفرد في 1989

في ظل تصاعد الخلافات السياسية الداخلية بالسودان، أعلن رئيس الوزراء السوداني آنذاك الصادق المهدي في 2 أبريل 1989 إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك، باعتبارها وُقعت في عهد الرئيس جعفر النميري، دون صدور إعلان مصري رسمي مماثل.

عودة الزخم مع التهديدات الإقليمية

أعادت التطورات الإقليمية، وعلى رأسها أزمة سد النهضة منذ عام 2011، إحياء التعاون العسكري بين القاهرة والخرطوم، من خلال:

  • تشكيل قوات مشتركة لتأمين الحدود.
  • تكثيف التدريبات والمباحثات العسكرية.
  • توقيع اتفاقيات تعاون أمني وعسكري، أبرزها اتفاق مارس 2021 الهادف إلى حماية الأمن القومي للبلدين.

خطوط حمراء مصرية في السودان

بالتوازي مع بحث تفعيل الاتفاقية، أكدت القاهرة وجود “خطوط حمراء” في السودان، تشمل:

  • الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.
  • منع أي محاولات انفصال.
  • حماية مؤسسات الدولة السودانية من الانهيار.

كما شددت على أن اتفاقية الدفاع المشترك لا تزال قائمة ونافذة، وتشمل مواجهة أي تهديد يمس أمن البلدين.

سياق ميداني متفجر

يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه ولايات كردفان الثلاث اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف، في ظل حرب مستمرة منذ أبريل 2023 خلفت عشرات الآلاف من القتلى ونزوح نحو 13 مليون شخص، ما يضع اتفاقية الدفاع المشترك مجددًا في قلب الحسابات السياسية والعسكرية بالمنطقة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى