مقالات وآراء

د.عبد الفتاح طوقان يكتب: الاتفاقية المائية بين تركيا والعراق.. تداعيات النفوذ التركي على الموارد المائية العراقية


تُعتبر المياه من أندر الموارد الطبيعية التي تعتمد عليها الدول من أجل تحقيق التنمية والازدهار، وبالتالي تُعد إدارتها قضية حيوية تؤثر في جميع جوانب الحياة. في هذا السياق، تبرز الاتفاقية المائية الموقعة بين تركيا والعراق كأحد العناصر الأساسية التي تساهم في تشكيل العلاقات بين البلدين، كما تؤثر بعمق على مستقبل الموارد المائية في العراق وبلا شك تتنتقل تأثيراتها الي الأردن حيث يتطلب متابعه حثيثه من الحكومة الأردنية ووزيرها للمياه.

نفوذ تركيا المتزايد على الموارد العراقية

تشير غونول تول، المديرة المؤسسة لبرنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط، إلى أن هذه الاتفاقية تمنح تركيا نفوذاً واسعاً على الموارد المائية للعراق، وذلك في “لحظة ضعف” تمر بها الحكومة العراقية. هذا النفوذ يبدو جلياً من خلال قدرة تركيا على التحكم في تدفق المياه إلى العراق، مما يوفر لها آلية للتأثير على الأمن المائي والاقتصادي للعراق.

والسؤال هنا ما هي أبرز بنود الاتفاقية

تتضمن الاتفاقية مجموعة من البنود الجوهرية التي تعكس بوضوح المصالح التركية، ومن أبرزها:

اولا : تحديد حصص المياه: تنص الاتفاقية على تحديد كميات المياه التي يمكن للعراق تلقيها من الأنهار المشتركة، مما يضع قيوداً صارمة على حقوق العراق في استخدام هذه المياه.

ثانيا : التعاون الفني :تتضمن الاتفاقية بنودًا تتعلق بالتعاون الفني بين الدولتين في مجالات إدارة المياه، ولكنها في واقع الأمر تعزز السيطرة التركية على الموارد.

ثالثا : إدارة السدود : تمنح الاتفاقية تركيا الحق في إدارة السدود التي تقام على الأنهار المشتركة، مما يزيد من قدرتها على التحكم في تدفق المياه إلى العراق.

رابعا : مفهوم الأمن المائي: تسعى الاتفاقية إلى تعزيز مفهوم الأمن المائي كأداة للتعاون، لكنها في الحقيقة تعكس في المقام الأول المصالح التركية.

ولا شك ان الاتفاقية تعزيز الموقف الداخلي للرئيس التركي
لانها تساهم هذه الاتفاقية أيضًا في تعزيز موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الساحة الداخلية، حيث تُعتبر إدارة الموارد المائية جزءًا من استراتيجياته للبقاء في السلطة. من خلال تعزيز النفوذ التركي على العراق، يستطيع أردوغان أن يقدم نفسه كزعيم قوي قادر على حماية مصالح بلاده، مما ينعكس بشكل إيجابي على شعبيته داخل تركيا.

إن الاتفاقية المائية بين تركيا والعراق تمثل تحديًا كبيرًا للسيادة العراقية على موارده المائية. بينما تمنح هذه الاتفاقية تركيا نفوذًا متزايدًا، فإن العراق يحتاج إلى استراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه التحديات وضمان حقوقه في استخدام موارده الطبيعية بشكل مستدام. من الضروري أن يعمل العراق على تعزيز قدراته في إدارة المياه وتحقيق توازن يضمن حقوقه واحتياجاته المائية من خلال أن يتبنى استراتيجيات شاملة وفعالة للتعامل مع التحديات المترتبة على الاتفاقية المائية مع تركيا. واقصد من خلال تعزيز التعاون الإقليمي وتحسين إدارة الموارد المائية وتنمية الوعي العام حيث يمكن للعراق أن يحقق توازنًا يحمي حقوقه في الموارد المائية ويضمن استدامتها للأجيال القادمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى