ميدل إيست آي: نواب بريطانيون يطالبون بتحقيق مستقل في ضغوط كاميرون على المحكمة الجنائية الدولية

طالب نائبان في البرلمان البريطاني رئيس الوزراء كير ستارمر بفتح تحقيق مستقل وشفاف في مزاعم تفيد بأن وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون حاول ممارسة ضغوط سياسية على المحكمة الجنائية الدولية، بهدف التأثير على تحقيقها في جرائم حرب تُتهم إسرائيل بارتكابها في قطاع غزة.
وجاءت المطالبة في رسالة رسمية وجّهها النائبان عن حزب العمال ريتشارد بورغون و**عمران حسين** إلى الحكومة البريطانية، واطّلع عليها موقع ميدل إيست آي.
تهديدات مزعومة للمدعي العام
وطالب النائبان بالتحقيق في ادعاءات تشير إلى أن مسؤولًا رفيعًا في الحكومة المحافظة السابقة هدد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بعواقب “وخيمة”، في حال مضيه قدمًا بطلب إصدار مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين.
وتأتي هذه المطالبات عقب إفادة قدّمها خان مؤخرًا للمحكمة، قال فيها إن مسؤولًا بريطانيًا كبيرًا حذّره من أن المملكة المتحدة قد تسحب تمويلها وتنسحب من المحكمة، قبل تقديمه طلبات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت.
وأشار النائبان إلى أن عدة روايات متطابقة—كان ميدل إيست آي أول من كشفها—تُرجّح أن يكون ديفيد كاميرون هو المسؤول المعني بهذه التهديدات.
“محاولة خطيرة للغاية”
وقال بورغون وحسين في رسالتهما إن هذه المزاعم، إذا ثبتت صحتها، تمثل “محاولة خطيرة للغاية من الحكومة البريطانية لممارسة ضغط سياسي على هيئة قضائية دولية مستقلة”.
وأضافا أن بيان المدعي العام، المقدم إلى دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية ردًا على طلب إسرائيلي لإقصاء خان وإسقاط مذكرات التوقيف، يعزز ما نشره ميدل إيست آي سابقًا، لا سيما بشأن مكالمة هاتفية مثيرة للجدل أجراها كاميرون مع خان في 23 أبريل/نيسان 2024.
وبحسب مصادر للموقع، وصف كاميرون خلال المكالمة السعي لاستصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت بأنه “بمثابة إلقاء قنبلة هيدروجينية”، معتبرًا أن ملاحقة روسيا بسبب حربها على أوكرانيا تختلف عن ملاحقة إسرائيل التي تزعم “الدفاع عن نفسها” بعد أحداث 7 أكتوبر.
روايات متناقضة
وفي كتاب للصحفي البريطاني بيتر أوبورن بعنوان “متواطئون: دور بريطانيا في تدمير غزة”، نُقل عن مصدر مقرب من كاميرون تأكيده أن الاتصال الهاتفي وقع بالفعل وكان “حادًا”، لكنه نفى توجيه تهديد مباشر، قائلًا إن كاميرون اكتفى بالإشارة إلى أن أصواتًا نافذة داخل حزب المحافظين قد تدفع نحو قطع تمويل المحكمة والانسحاب من نظام روما الأساسي.
قلق برلماني واسع
وأشار النائبان إلى أن أكثر من 100 نائب وعضو في مجلس اللوردات من 11 حزبًا سياسيًا كانوا قد وقّعوا، في مايو/أيار 2024، رسالة تطالب الحكومة المحافظة آنذاك بالدفاع عن استقلال المحكمة الجنائية الدولية، عقب تحذيرات غير مسبوقة أطلقتها المحكمة بشأن تعرضها لضغوط سياسية.
وفي ذلك الوقت، دعت نيابة المحكمة إلى “وقف جميع محاولات عرقلة أو ترهيب أو التأثير غير المشروع على مسؤوليها فورًا”.
تحذير قانوني
وأكد بورغون وحسين أن أي محاولة من وزراء أو مسؤولين بريطانيين لإكراه المحكمة قد تشكل جريمة بحد ذاتها بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي، التي تحظر التدخل في سير العدالة.
وجاء في الرسالة: “نشعر بقلق بالغ إزاء الأدلة التي بدأت تظهر، والتي تشير إلى أن الحكومة البريطانية نفسها قد تكون مصدر التهديد للمحكمة الجنائية الدولية، وربما من أعلى مستويات السلطة”.
وحذر النائبان من أن بريطانيا، التي لطالما قدّمت نفسها مدافعًا عن القانون الدولي والنظام القائم على القواعد، قد تُلحق ضررًا دائمًا بمكانتها الدولية إذا ثبت تدخلها في تحقيقات تتعلق بجرائم حرب.
واختتما بالقول إن خطورة هذه المزاعم تستوجب تحقيقًا مستقلاً وواضحًا وشفافًا لتحديد ما إذا كان مسؤولون بريطانيون سعوا إلى تقويض عمل المحكمة الجنائية الدولية أو هددوا بالانسحاب منها أو بقطع تمويلها.







