شباك نورمقالات وآراء

د. أيمن نور يكتب : وجوه لا تغيب… في ذكراه السابعة والثلاثين: عشتُ في زمن ممتاز نصار

أن تعيش زمناً يضيء فيه قضاةٌ كبار مثل المستشار ممتاز نصار، فذلك شرفٌ لا تمحوه السنون.
التقيته في بدايات طريقي، وأنا أتلمّس خطواتي الأولى في الوفد، فوجدت في حضوره نبراساً ينير الطريق.

كان نصار قاضياً لم يعرف الخضوع.
في مذبحة القضاء عام 1969، وقف كالجبل الراسخ في وجه العاصفة. رفض أن يكون للقضاء سيدٌ غير العدل، فصار اسمه مرادفاً للنزاهة.

في البرلمان، حين تصدى لاتفاقية كامب ديفيد، لم يكن صوته مجرد معارضة، بل كان ضميراً حياً يتحدث باسم أمة.
وعندما حُلّ البرلمان، عاد إلى مقعده بإرادة شعبية لا تعرف الخنوع.

إن دفاعه عن هضبة الأهرام لم يكن مجرد قضية قانونية، بل كان قصيدةً وطنية تحفظ ذاكرة مصر.
كل موقفٍ له كان لوحةً ترسمها القيم التي لا تُمحى.

ومعه في تلك المرحلة، عاصرت قاماتٍ أخرى كالأستاذ عادل عيد والمهندس الدكتور محمود القاضي، وغيرهم من رموزٍ كانت علامات على طريق الوطن.
عشتُ في زمنهم، وتعلّمت من نبل مواقفهم كيف يكون الثبات على المبدأ.

واليوم، حين يقف تمثال ممتاز نصار في معرض “وجوه لا تغيب” بالمركز الثقافي المصري في إسطنبول، نشهد أن الذاكرة لم تخنه.
سبعة وثلاثون عاماً لم تمحُ أثره، بل زادته حضوراً.

إن القيم التي حملها نصار، من العدالة إلى الشجاعة، لم تكن مجرّد شعارات، بل كانت نبراساً يضيء الدرب لمن بعده.
إنه وجهٌ لا يغيب عن ذاكرة من عرفوه.

في كل فقرةٍ من حياته نقرأ دروساً من الإنسانية.
لم يكن مجرد قاضٍ أو نائب، بل كان إنساناً يحمل هموم الناس، ويدافع عنهم بقلبٍ شاعرٍ وأديب.

وهكذا، بين قامةٍ وقامة، كان ممتاز نصار واحداً من أولئك الذين نعتزّ بأننا عشنا في زمانهم.
مع عادل عيد، مع محمود القاضي، ومع كل من حمل شعلة الحرية والعدل في تلك الأيام، كانت هذه القامات نجوماً في سماء مصر.

سبعة وثلاثون عاماً تمرّ، لكن ذكراه تبقى كحكاية تُروى، كقصيدة تُتلى، وكقيمة نعتز بها.
إنه الممتاز نصار، الذي علمنا أن بعض الوجوه لا تغيب مهما مرّ الزمن.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى