
حين نتحدث عن حزب الوفد فإننا نتحدث عن صفحات لا تغيب من ذاكرة مصر.
هذا البيت العريق لليبرالية المصرية هو مرآة لتاريخ طويل من النضال الوطني.
اليوم، يقف الوفد على عتبة انتخابات رئاسية في يناير القادم، حيث تتداخل خبرة الماضي مع طموحات الحاضر، في مشهد انتخابي ساخن.
تقارير صحفية متعددة تشير إلى أن الدكتور السيد البدوي (الذي يبدو أن قدره هو أن يفوز على منافس يعتلي مقعد الرئيس) يحظى في هذه الانتخابات بفرص تتراوح بين 45% و55%، بينما يحظى الدكتور هاني سري الدين بنسبة تتراوح بين 30% و35%.
وتتوزع النسب المئوية المتبقية على ياسر الهضيبي وياسر حسان، في ظل تراجع حاد في فرص الدكتور عبدالسند يمامة. هذه الأرقام هي تقديرات إعلامية شائعة، وليست تقديراً شخصياً أو تقديرات موثقة مبنية على استطلاعات رأي دقيقة.
هذه التقديرات الأولية لا تقلل، في هذا السياق، من فرص ياسر حسان، الذي يمثل جيل الوسط والشباب بأفكاره التحديثية، وإن كانت كتلته التصويتية أقل.
أما ياسر الهضيبي فقد كان مفتاحاً تنظيمياً مهماً، لكنه يتحمل أيضاً جزءاً من المسؤولية عن التحديات التي واجهها الحزب خلال الفترة الأولى من رئاسة عبدالسند يمامة.
شهدت مرحلة عبدالسند يمامة أزمات متعددة أثرت على صورة الوفد، من مشكلات تنظيمية إلى تراجع في الأداء السياسي، إلى نكسات انتخابية، فكانت تلك المرحلة حافلة بالتراجعات والتحديات التي زادت الحاجة إلى تغيير مستحق.
من هنا تبدو الحاجة ملحّة إلى مبادرة واجبة من الأستاذ فؤاد بدراوي، تقوم على دعوة جميع مرشحي التغيير، وبحضور شيوخ الوفد، للاتفاق على مرشح واحد يمثل مطالب الوفديين بالتغيير، وينقذ الحزب من انقسام الأصوات.
مثل هذا الاتفاق ليس صفقة، ولا مجرد خيار، بل ضرورة لضمان إعادة الوفد إلى مساره الصحيح، وقبل كل ذلك لضمان تأمين فرص الإصلاح بروح الفريق الواحد.
ينبغي أن يبقى الوفد بيتاً للأمة، وهذه الدعوة هي دعوة لأن يظل كذلك، وأن يكتب فصلاً جديداً في تاريخه، يكون عنواناً للوحدة والتجديد، ليبقى كما كان دائماً صوتاً يجمع ولا يفرق، ومدرسة وطنية لكل المصريين.
أتمنى مخلصاً للحزب العريق الذي عشت فيه عقدين من الزمان، في رحاب أستاذي وأبي الروحي وزعيمي فؤاد سراج الدين، أن يتجاوز هذه اللحظة الفارقة، وأن يعود إلى مكانه ومكانته الطبيعية على رأس وقمة هرم الليبرالية المصرية؛
وإنني، كوفدي أباً عن جد، ولحماً ودماً، وبثقتي الشخصية والحزبية كرئيس حزب غد الثورة الليبرالي المصري، أتمنى للحزب الأم أن يستعيد مجده متسانداً على رموزه الوفدية القديمة والوفديين الجدد معاً، لأن غياب هذه المزاوجة العاقلة يعني أن تخسر مصر والحياة السياسية لبنة رئيسية من مكوناتها، وأحد أهم آمالها في الإصلاح.







