
يوم لا أنساه
من حقك أن تتساءل عن العلاقة بين الطب والآثار ، وكيف تحول أشهر رجال الآثار من كراهية مهنته إلى حبها بفضل دكتور ؟!
والإجابة ستكون مفاجأة حقيقية لحضرتك ، فالدكتور أسم رجل !!
وأسألك: هل صادفت في حياتك كلها واحد إسمه “دكتور” ؟؟
صديقي زاهي حواس عمل معه ويقول إنه كان رئيس للعمال الذين يقومون بالحفر ، ولا ينسى أبدا إنه السبب في تحول كراهية المهنة إلى عشقها !!
فما الذي فعله رئيس العمال هذا واسمه “دكتور”!!
تعالوا معي أن نتعرف على الحكاية كلها منذ بدايتها كما يرويها صديقي العزيز الدكتور “زاهي حواس”.
وفي بداية كلامه يطلق مفاجأة أخرى يقول درست الآثار بالصدفة المحضة ، كنت في البداية أريد دراسة الحقوق لكنني وجدتها صعبة وحذرني أصدقائي منها ، وقمت بتحويل أوراقي إلى كلية الآداب جامعة الإسكندرية وسألت عن أقسامها فكانت الإجابة: هناك قسم جديد خاص بالآثار تدرس اليونانية والرومانية وكنت كارها لها فالدراسة فيها تقليدية جداً ، وعندما تخرجت حاولت الإبتعاد عن هذا المجال تماماً فقدمت أوراقي في وزارة الخارجية ، وكدت أن أنجح ويتغير مجرى حياتي تماماً ، لكن الحظ لم يحالفني في آخر لحظة ، وهكذا اضطررت إلى العودة إلى المهنة التي لا أحبها وعملت في قسم الحفائر بعدما هددني رئيس الآثار في ذلك الوقت الدكتور جمال مختار بالتعرض لعقاب شديد إذا لم ألتزم.
ويضيف “زاهي حواس”: وفي يوم لا أنساه كنت في منطقة كوم أبو باللو في محافظة البحيرة أقوم بالحفر ، فإذا بي أفاجئ برئيس العمال واسمه الريس “دكتور” يأتي بوجه متهلل ليخبرتي بأن عماله عثروا على مقبرة ، وقمنا بفتحها ، وكانت تمثال لآلهة الحب والجمال عند الإغريق ، وفي هذه اللحظة تغيرت حياتي كلها وأكتشفت وأنا أمسك بالتمثال لأول مرة أنني عثرت على حبي ، وتغيرت نظرتي للآثار من الكراهية إلى العشق.
سألت صديقي عالم الآثار الشهير: من فضلك أشرح لي هذه الفزورة إزاي واحد إسمه “دكتور” ؟
أجابني بضحكة حب حلوة : أبوه كان يعمل مع الخواجات وكان يخاطبهم بلقب دكتور ، وعندما أنجب أبنه سماه ” دكتور” ، وهكذا أشتهر بين أقرانه بالريس ” دكتور” !!
ويكمل أشهر عالم آثار كلامه قائلاً: بعد هذا الإكتشاف الذي ساعدني فيه رئيس العمال الريس “دكتور” قررت دراسة الآثار من جديد بحق وحقيقي ، فسافرت وعمري ٣٣ سنة إلى أمريكا بعدما حصلت على زمالة برنامج فولبرايت ، وكان ذلك عام ١٩٨٠ ودخلت جامعة بنسلفانيا ، ومكثت هناك سبع سنوات واستفدت جداً جداً وحصلت على الماجستير والدكتوراه وتغيرت حياتي تماماً ، وعدت إلى مصر وعمري أربعين سنة ، وتدرجت بسرعة في جميع وظائف الآثار برغم المكائد التي كانت تدبر لي ، وفي عام ٢٠٠٢ تم تعييني أمين عام للمجلس العام للآثار.
وبداية نجاحي الكبير كان بفضل الدكتور .. شكرا لك يا “دكتور”.
محمد عبدالقدوس







