
تحقيق جنائي يفتح وزراء العدل والداخلية التركيان ملف الحادث المأساوي في تطور مفاجئ يضيف أبعاداً سياسية وأمنية جديدة، أعلنت السلطات التركية فتح تحقيق جنائي شامل في حادث سقوط الطائرة العسكرية الليبية التي كانت تقل رئيس الأركان الليبي الفريق أول محمد علي الحداد ومرافقيه، وذلك بعد ساعات فقط من العثور على حطام الطائرة في منطقة وعرة قرب العاصمة أنقرة.
وقد أفادت وكالة الأناضول الرسمية بأن وزير العدل التركي يلماز تونج أصدر توجيهات فورية للنيابة العامة في أنقرة بفتح تحقيق معمق في ملابسات الحادث، في خطوة تعكس الجدية التركية في كشف ملابسات الحادث الذي أودى بحياة قادة عسكريين ليبيين رفيعي المستوى.
من جهته، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا عبر حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) أن فرق الدرك التركي تمكنت من الوصول إلى موقع الحطام في قرية “كسيك كاواك” التابعة لقضاء هايمانا، على بعد حوالي 2 كيلومتر من القرية، وذلك بعد عملية بحث مكثفة في منطقة جبلية وعرة.
كانت الطائرة الخاصة قد أقلعت من مطار “أسن بوغا” العسكري في أنقرة متجهة إلى العاصمة الليبية طرابلس، في رحلة عودة رسمية بعد زيارة عمل قام بها الوفد الليبي.
وكشف وزير الداخلية التركي أن الطائرة أرسلت بلاغاً عن هبوط اضطراري في منطقة هايمانا قبل دقائق من فقدان الاتصال، مما يثير تساؤلات حول الظروف الفنية والجوية التي كانت تمر بها الطائرة في تلك اللحظات الحرجة.
الضحايا: خسارة عسكرية فادحة للجيش الليبي
أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة عبر منشور على فيسبوك الخسارة البشرية الكبيرة، معلناً وفاة:
· الفريق أول ركن محمد علي الحداد – رئيس الأركان العامة للجيش الليبي
· الفريق ركن الفيتوري غريبيل – رئيس أركان القوات البرية
· العميد محمود القطيوي – مدير جهاز التصنيع العسكري
· محمد العصاوي دياب – مستشار رئيس الأركان العامة
· محمد عمر أحمد محجوب – المصور بمكتب إعلام رئيس الأركان
هذه الخسائر تمثل ضربة موجعة للمؤسسة العسكرية الليبية في مرحلة حرجة من عملية إعادة الهيكلة والمصالحة الوطنية.
وهناك أبعاد سياسية و دبلوماسية
يأتي هذا الحادث في وقت تشهد فيه العلاقات التركية الليبية تعاوناً متزايداً في المجالات العسكرية والأمنية، خاصة بعد الاتفاقيات الموقعة بين البلدين حول التعاون في مجال الدفاع والحدود البحرية.
وأعتقد هذه الحادثة ستخضع لأقصى درجات التدقيق من الجانبين التركي والليبي، خاصة أنها تطال قادة عسكريين كانوا في مهمة رسمية على الأراضي التركية .
تشير المعلومات الأولية إلى أن التحقيق سيشمل فحص الصندوقين الأسودين للطائرة فور استخراجهما من الحطام .
و مراجعة تسجيلات برج المراقبة في مطار أسن بوغا .
و فحص تاريخ الصيانة والمواصفات الفنية للطائرة .
وكذلك تحليل الظروف الجوية وقت الحادث .
و تحقيقات ميدانية مفصلة في موقع الحطام .
و الجانب الليبي لم يصدر حتى الآن بيان رسمي مفصل عن السلطات الليبية، لكن مصادر مقربة من الحكومة الليبية أكدت أن “أنقرة ستوفر كل المعلومات والشفافية المطلوبة”.
ومن الجانب التركي التأكيد على أن “التحقيق سيكون شاملاً وشفافاً” حسب بيان وزارة العدل.
وتدخل المجتمع الدولي بتصريح بأن مراقبون يتوقعون تدقيقاً دولياً غير مباشر، خاصة مع الاهتمام الأمني بليبيا ودور القوى الإقليمية.
رغم السرعة التي تحرك بها الجانب التركي بفتح التحقيق، تبقى أسئلة عديدة تحتاج لإجابات ما طبيعة البلاغ الذي أرسلته الطائرة عن الهبوط الاضطراري؟
هل كانت هناك مشكلات فنية معروفة مسبقاً في الطائرة؟
كيف ستؤثر هذه الخسارة على هيكلة الجيش الليبي والتعاون العسكري التركي الليبي؟
هل ستكون هناك تداعيات أمنية في ليبيا نتيجة فقدان هذا الكادر القيادي؟
بينما تنصب الأولوية حالياً لعمليات انتشال الجثث وتحليل أولي للحطام، يبدو أن التحقيق التركي سيسير على مسارين متوازيين ” فني-تقني ” لمعرفة سبب السقوط، وسياسي-أمني لاحتواء تداعيات الحادث على العلاقات الثنائية والمشهد الليبي الداخلي.







