
تعد الطائفة الإسماعيلية إحدى الفرق الإسلامية التي تشكل جزءاً من المذهب الشيعي، وقد حظيت بتاريخ حافل وتطورات فكرية وفلسفية عميقة.
تنبع تسميتها من إسماعيل بن جعفر الصادق، الذي يعتبرونه الإمام السابع، مما يجعلهم يختلفون عن الشيعة الاثني عشرية في مسألة الإمامة.
الجذور التاريخية والامتداد الجغرافي فقد نشأت الإسماعيلية في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) كحركة سرية تدعو لإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق.
تطورت الحركة لاحقاً إلى فرع رئيسي في الشيعة، وأنشأت دولة الفاطميين في شمال إفريقيا ثم مصر (909-1171م)، التي شكلت ذروة قوتها السياسية والفكرية.
ينتشر الإسماعيليون اليوم في أكثر من 25 دولة، مع تجمعات رئيسية في الهند وباكستان وأفغانستان وطاجيكستان وسوريا وإيران، بالإضافة إلى جاليات كبيرة في أمريكا الشمالية وأوروبا.
يقدر عددهم بحوالي 15 مليون نسمة عالمياً.
المبادئ والعقائد الأساسية للطائفه منها الإمامة فهي تؤمن بإمامة متسلسلة تنحدر من الإمام علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء.
والتأويل الباطني فقد تميزت بتفسير باطني للقرآن، معتقدة بوجود معانٍ عميقة وراء النصوص الظاهرية.
وكذلك الطاعة الروحية التي يتمتع الإمام بمركزية روحية عالية حيث يعتبر مصدراً للتوجيه الديني والفكري.
وكذلك التنظيم الهرمي فهي تمتلك هيكلاً تنظيمياً دقيقاً يقوده الإمام الحالي، الأمير كريم آغا خان الرابع.
ولها إسهامات الحضارية
فقد قدم الإسماعيليون إسهامات ثقافية وعلمية بارزة عبر التاريخ مثل إنشاء جامع الأزهر في القاهرة الذي أصبح منارة علمية إسلامية.
و تطوير فلسفة إسلامية تجمع بين العقل والنقل و ازدهار العلوم الفلكية والرياضيات والطب في العصر الفاطمي.
وإنشاء شبكة واسعة من المؤسسات التعليمية والصحية والتنموية المعاصرة تحت رعاية شبكة الآغا خان للتنمية.
واجهت الإسماعيلية انتقادات وتحديات عدة مثل اتهامات بالانحراف العقائدي من قبل بعض المذاهب الإسلامية الأخرى بسبب التركيز على التأويل الباطني.
وكذلك الاضطهاد التاريخي خصوصاً بعد سقوط الدولة الفاطمية.
و التحديات الأمنية في بعض مناطق تواجدهم كأفغانستان وباكستان.
و صعوبة الحفاظ على الهوية في مجتمعات الشتات مع تحديات الاندماج والانصهار الثقافي.
الواقع المعاصر والتوجهات المستقبلية فقد تحولت الطائفة الإسماعيلية تحت قيادة الأمير كريم آغا خان إلى نموذج للانخراط الإيجابي في المجتمعات المعاصرة، مع التركيز على التنمية البشرية من خلال مؤسسات تعليمية وصحية في مناطق تواجدهم.
والحوار بين الأديان والحضارات.
و تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في مختلف المجالات.
و الاهتمام بالفنون والثقافة كجسر للتفاهم الإنساني.
تمثل الطائفة الإسماعيلية نموذجاً فريداً في العالم الإسلامي، جمع بين عمق التراث الروحي والفلسفي وانفتاح على قيم العصر الحديث.
رغم التحديات التاريخية والمعاصرة، استطاعت هذه الطائفة الحفاظ على هويتها مع الإسهام الفاعل في المجتمعات التي تعيش فيها، مقدمة نموذجاً للتكيف الإيجابي مع متغيرات العصر دون التخلي عن الجذور والثوابت.
تبقى الإسماعيلية جزءاً من نسيج التنوع الإسلامي الثري، الذي يؤكد أن الإسلام لم يكن ولا يزال حضارة متعددة الألوان والتفاسير، قادرة على تقديم إجابات روحية وإنسانية لتحديات العصر.







