اقتصاد

ارتفاع موجع في التضخم يعمّق معاناة المواطنين وسط قفزات بأسعار الغذاء

شهدت البلاد خلال أبريل 2025 ارتفاعًا حادًا في معدلات التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بالمدن حيث بلغ 13.9% مقارنة بـ 13.6% في مارس مما يعكس تصاعد الضغوط الاقتصادية التي تثقل كاهل الأسر وتزيد من صعوبة تلبية الاحتياجات الأساسية في ظل تذبذب مستمر في الأسعار

سجلت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاعًا في معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية ليصل إلى 13.5% خلال أبريل 2025 بعدما كان عند مستوى 13.1% في مارس الماضي ما يدل على استمرار الاتجاه التصاعدي في مستويات الأسعار دون وجود مؤشرات واضحة على تراجع قريب

رصدت الأرقام الرسمية قفزة مؤلمة في أسعار الطعام والمشروبات التي ارتفعت بنسبة 6.2% متأثرة بزيادة أسعار الحبوب والخبز بنسبة 12.9% إلى جانب صعود أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 6.9% في حين شهدت أسعار الألبان والجبن والبيض ارتفاعًا بلغ 5.3% مما زاد من الأعباء اليومية التي تواجهها الأسر ذات الدخل المحدود

سُجل ارتفاع ضخم في أسعار الفاكهة بنسبة غير مسبوقة بلغت 62% لتصبح من أكثر السلع تضخمًا إلى جانب الخضروات التي ارتفعت بنسبة طفيفة وصلت إلى 0.2% كما ارتفعت أسعار البن والشاي والكاكاو بنسبة 7.8% والمياه المعدنية والمشروبات الغازية والعصائر الطبيعية بنسبة كبيرة بلغت 22.6%

جاء هذا التضخم الغذائي رغم تسجيل بعض السلع انخفاضًا محدودًا في أسعارها مثل اللحوم والدواجن التي تراجعت بنسبة 0.5% والزيوت والدهون التي هبطت بنسبة 0.7% إلى جانب انخفاض أسعار السكر والمنتجات السكرية بنسبة 1.2% لكن هذه التراجعات لم تفلح في تهدئة حدة التضخم العام

سجل قسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود زيادة حادة في تكلفته بنسبة 18.4% مدفوعًا بارتفاع أسعار الإيجار الفعلي للمسكن بنسبة 11.9% كما ارتفعت أسعار المياه والخدمات المتنوعة المرتبطة بالمساكن بنسبة 3% إلى جانب قفزة كبيرة في أسعار الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة وصلت إلى 39.3% وهو ما ألقى بظلاله على كلفة المعيشة في عموم الجمهورية

سجل معدل التضخم الشهري في البلاد خلال أبريل 2025 نسبة 1.3% بعدما بلغ 1.6% في مارس مما يعكس استمرار الضغوط التضخمية على الرغم من التباطؤ النسبي في وتيرتها الشهرية

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين على مستوى الجمهورية 253.8 نقطة خلال أبريل مقابل 250.6 نقطة في مارس مما يعزز من المؤشرات السلبية حول تزايد تكلفة المعيشة في وقت تتراجع فيه قدرة الدخول على مواكبة الزيادات المستمرة في الأسعار

شهدت أسعار الحبوب والخبز ارتفاعًا شهريًا بنسبة 0.5% إلى جانب صعود أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.7% بينما ارتفعت أسعار الخضروات بنسبة 1.2% كما سجلت أسعار السكر والمنتجات السكرية زيادة بنسبة 0.4% وصعدت أسعار البن والشاي والكاكاو بالنسبة ذاتها عند 0.4%

ارتفعت أسعار الأقمشة بنسبة 0.4% خلال شهر أبريل كما صعدت أسعار الملابس الجاهزة بنسبة 2% في حين ارتفعت أسعار الأحذية بنسبة 0.5% ما زاد من تكلفة الاحتياجات الأساسية للملبس وفرض أعباء إضافية على الأسر

زاد الإيجار الفعلي للمسكن بنسبة 1.1% خلال الشهر ذاته وارتفعت أسعار المياه والخدمات المرتبطة بالمساكن بنسبة 0.3% إلى جانب قفزة في أسعار الكهرباء والغاز ومواد الوقود بنسبة 6.7% وهي زيادات تلقي بظلالها الثقيلة على معيشة ملايين المواطنين

ارتفعت أسعار المفروشات المنزلية بنسبة 0.9% كما سجلت الأجهزة المنزلية زيادة بنسبة 1.2% بينما زادت أسعار الأدوات الزجاجية وأدوات المائدة والأدوات المنزلية بنسبة 0.4% إلى جانب ارتفاع أسعار أدوات ومعدات المنازل والحدائق بنسبة 1.1% والسلع والخدمات الخاصة بصيانة المنازل بنسبة 1.2% ما يشير إلى توسع نطاق الزيادات ليشمل جوانب مختلفة من الحياة اليومية

قفزت أسعار المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية بنسبة 11.4% وهو ارتفاع يثير القلق في ظل تزايد الاحتياجات الصحية للمواطنين كما ارتفعت تكلفة خدمات العيادات الخارجية بنسبة 2.1% ما يضيف عبئًا إضافيًا على منظومة الرعاية الصحية

شهدت أسعار شراء المركبات ارتفاعًا بنسبة 1.3% كما زادت تكلفة النقل الخاص بنسبة 8.6% بينما ارتفعت أسعار خدمات النقل بنسبة 8.2% ما يعكس تأثيرات مباشرة على حركة الأفراد والتنقلات اليومية

سجلت أسعار خدمات البريد ارتفاعًا بلغ 5.7% وهو ما يشير إلى أن الزيادات لم تقتصر على السلع والخدمات الأساسية بل امتدت لتشمل الخدمات اللوجستية

أبرزت هذه الزيادات المستمرة في الأسعار تدهورًا ملموسًا في القدرة الشرائية للمواطنين وتفاقمًا في الضغوط المعيشية التي تدفع كثيرين إلى إعادة ترتيب أولوياتهم اليومية في ظل واقع اقتصادي صعب يفتقر إلى حلول سريعة

تزامنت هذه التطورات مع مؤشرات توحي بمحدودية فعالية الجهود المتخذة للسيطرة على معدلات التضخم إذ لم تُظهر البيانات الأخيرة أي بوادر حقيقية على انفراجة قريبة رغم التحركات الجزئية في بعض القطاعات

انعكس هذا التصاعد في التضخم على حياة المواطنين بشكل مباشر حيث تآكلت القدرة الشرائية بشكل ملموس وزادت صعوبة توفير المستلزمات اليومية الأساسية سواء في الغذاء أو الملبس أو السكن أو الرعاية الصحية أو حتى المواصلات العامة

واجه المواطنون موجة من الإحباط مع كل ارتفاع جديد في المؤشرات الاقتصادية السلبية لا سيما في ظل غياب إجراءات ملموسة لتخفيف العبء أو تقديم دعم فعال يمكنه أن يحمي الشرائح الأضعف من تداعيات هذا التضخم المرتفع

تُظهر الأرقام أن حالة الاقتصاد المحلي ما زالت تتسم بقدر كبير من الضبابية فيما يتعلق بمسارات السيطرة على الأسعار وإعادة التوازن إلى السوق في ظل استمرار اختلالات العرض والطلب وغياب الدعم الكافي للشرائح الأكثر تضررًا

تزايدت المخاوف الشعبية من استمرار دوامة ارتفاع الأسعار وما يصاحبها من ضغوط اقتصادية متراكمة على المدى القصير ما يجعل من الضروري التفكير في آليات فعالة ومستدامة لكبح جماح التضخم وتحقيق توازن في الأسواق يعيد الأمل إلى المواطنين

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى