مصر

رئيس جامعة سوهاج السابق يبيع أرضاً تعليمية لأعضاء هيئة التدريس بالمخالفة للقانون

بدأت أحداث قضية فساد غير مسبوقة تهز أروقة جامعة سوهاج عندما كشفت مستندات موثقة تورط أحد كبار مسؤولي الجامعة السابقين في عملية بيع أرض تابعة للدولة ومخصصة للمنشآت التعليمية إلى مواطنين دون وجه حق إذ دارت تفاصيل الواقعة حول مشروع إسكان أعضاء هيئة التدريس المقام على أرض الجامعة بالكوامل جنوب محافظة سوهاج والذي تم إنشاؤه بالمخالفة الواضحة لقرار التخصيص الحكومي

أكدت الوثائق أن الأرض المقام عليها عدد 11 برجاً سكنياً تم تخصيصها منذ البداية بقرارات حكومية لصالح جامعة سوهاج من أجل إقامة منشآت تعليمية فقط دون أي استخدامات سكنية وقد جرى التعدي على هذا التخصيص منذ عام 2009 حين قرر مجلس جامعة سوهاج برئاسة الدكتور محمد سيد إبراهيم إنشاء مدينة سكنية لأعضاء هيئة التدريس على ذات الأرض التعليمية

أوضح التقرير أن الاجتماع الذي اتخذ فيه القرار حضره محافظ سوهاج آنذاك اللواء محسن نعماني وقد أبدى اعتراضه الرسمي خلال الجلسة مسجلاً في المحضر أن الأرض تابعة للدولة ومخصصة حصرياً لإنشاء أبنية تعليمية وليس أغراضاً سكنية ورغم هذا الاعتراض تم المضي في تنفيذ المشروع بالمخالفة للقانون

أضافت المستندات أن المشروع ظل تحت إدارة الجامعة حتى عام 2014 حيث تم جمع ما يقرب من 38 مليون جنيه من 352 من أعضاء هيئة التدريس المشاركين في المشروع على شكل أقساط مالية وكان تحصيل الأموال يتم من خلال موظف حكومي تابع للجامعة ووفقاً لكراسة الشروط المعتمدة رسمياً

لفت التحقيق إلى أن رئيس الجامعة الأسبق الدكتور أحمد عزيز عبد المنعم قام بتاريخ 23 يونيو 2021 بتحرير عقد بيع يقر بموجبه بيع الأرض المقام عليها الأبراج السكنية للمساهمين بالمشروع وقد استخدم تبريراً قانونياً قائلاً إنه استند إلى فتوى من مجلس الدولة على الرغم من أن الأرض لا تزال تحت التخصيص الحكومي وغير مسموح قانوناً ببيعها

استكمل التقرير توضيح الموقف القانوني مبيناً أن الأرض تقع داخل حرم الجامعة تماماً دون فاصل بينها وبين باقي منشآت الجامعة وهو ما يؤكد استحالة تملكها أو التصرف فيها قانونياً كما أشار التقرير إلى أن هذه الأرض لم يتم تغيير تخصيصها حتى تاريخه بحسب إفادة رسمية من جهاز مدينة سوهاج الجديدة والذي أوضح أن الأبراج مقامة على أرض مخالفة للقانون

نبه التقرير إلى أن الدكتور أحمد عزيز عبد المنعم ادعى أن نيابة الأموال العامة بأسيوط قد وافقت على بيع الأرض للمساهمين مقابل دفعهم مبلغاً قدره 8 ملايين جنيه تقريباً وهو في الحقيقة مبلغ الغرامة التي أصدرتها النيابة ضد 40 من مسؤولي الجامعة السابقين من مجالس إدارات الجامعة المتعاقبة من عام 2009 وحتى 2018 بسبب التعدي على أراضي الدولة

أوضح التقرير أن الدكتور أحمد عزيز قام بتحصيل مبلغ الغرامة من أعضاء هيئة التدريس المساهمين في المشروع تحت ادعاء زائف بأن هذا المبلغ يمثل ثمن الأرض ما يعد خداعاً واستغلالاً للمنصب الوظيفي ويضعه تحت طائلة المساءلة القانونية إذ تم جمع مبلغ 8 ملايين جنيه بواسطة عدد من مسؤولي الجامعة وسُددت إلى خزينة الدولة وليس إلى حساب الجامعة

أردف التقرير أن المشروع السكني تم تحويله في مراحل لاحقة إلى إدارة من بعض أعضاء هيئة التدريس المشاركين وهي إدارة غير رسمية وغير خاضعة لأي جهة رقابية وتم بموجب ذلك إصدار عقود تخصيص للوحدات السكنية دون وجود سند قانوني معتبر أو موافقة الجهات المختصة في الدولة

زعم التقرير أن المساهمين المتضررين لجؤوا إلى النيابة العامة خلال عامي 2021 و2022 مطالبين بفتح تحقيق رسمي في الواقعة وبالفعل تم حفظ الشكوى في المرة الأولى ليتم لاحقاً فتح تحقيق جديد انتهى أيضاً بالحفظ للمرة الثانية تحت تبرير أن النزاع يعتبر مدنياً وهو ما دفعهم إلى الاتجاه للمحاكم المدنية ابتداءً من عام 2023 وحتى عام 2025

أكد التقرير أن القضايا المرفوعة من قبل المساهمين لم تجد أي نتيجة فعلية حيث انتهت الأحكام الصادرة فيها إلى رفض الاستئناف دون تحديد مصير الوحدات السكنية التي لم تسلم حتى الآن ودون الفصل في كيفية استرداد الأموال المدفوعة من قبل المساهمين أو تعويضهم عن الضرر اللاحق بهم

أشار التقرير إلى أن إجمالي عدد المساهمين الذين لم يستلموا وحداتهم السكنية يبلغ 352 مساهماً رغم سدادهم لكامل القيمة المحددة في كراسة الشروط المعتمدة منذ بدء المشروع في عام 2009 الأمر الذي يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة بشأن مصير الأموال ومصير المساكن

استعرض التقرير دور مسؤولي الجامعة المتعاقبين والذين جاء من بينهم الدكتور محمد سيد إبراهيم الذي أصر على تنفيذ المشروع في بدايته على الرغم من علمه التام بأن الأرض مخصصة لبناء منشآت تعليمية وكذلك الدكتور نبيل نور الدين والدكتور أحمد عزيز عبد المنعم الذين استمروا في إدارة المشروع وتورطوا في قرارات ترتب عليها التعدي على أرض الدولة

نوه التقرير بأن المتورطين الحقيقيين من مسؤولي الجامعة خلال تلك السنوات قاموا بإيهام المساهمين بشرعية المشروع واستغلوا مواقعهم الرسمية في تضليل المشاركين وسحب الأموال منهم تحت وعود قانونية زائفة دون وجه حق

سرد التقرير تساؤلات حرجة تحتاج إلى رد حاسم من الجهات المختصة وعلى رأسها مدى قانونية بيع أرض الجامعة لصالح المواطنين ومدى قانونية إنشاء الأبراج السكنية على أرض تعليمية بالإضافة إلى مدى صلاحية عقود التخصيص التي تم إصدارها للمساهمين خارج الإطار الرسمي والرقابي للدولة

استعرض التقرير حالة الإحباط والغضب التي تسود بين عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس المتضررين والذين دفعوا مدخراتهم على أمل تملك وحدة سكنية مشروعة لينتهي بهم الأمر في دوامة قانونية لا تنتهي دون نتيجة فعلية أو حتى ضمانات لحقوقهم الضائعة

طالب التقرير بضرورة تدخل عاجل من الجهات الرقابية والنيابة العامة لإعادة فتح التحقيقات وتحديد المسؤوليات الجنائية والإدارية لكل من تورط في هذه الواقعة وعلى رأسهم رؤساء جامعة سوهاج المتعاقبين خلال الفترة من عام 2009 وحتى عام 2021

طالب التقرير بالكشف عن مصير مبلغ 38 مليون جنيه التي تم جمعها من المساهمين على مدار سنوات باعتبارها أموالاً عامة جُمعت من موظفين عموميين من خلال أجهزة الجامعة الرسمية ولا يجب أن تضيع دون مساءلة قانونية أو رقابية

أكد التقرير في ختامه أن ما حدث في مشروع إسكان أعضاء هيئة التدريس بجامعة سوهاج يمثل نموذجاً صارخاً لانتهاك القانون وسوء استغلال النفوذ والعبث بأموال ومصالح العاملين في المؤسسة التعليمية ويستوجب وقفة جادة وإحالة المتورطين إلى محاكمات عاجلة

وقد حصل موقع “أخبار الغد” علي مستندات رسمية تتعلق بقضية الفساد الكبرى داخل جامعة سوهاج حيث توثق هذه المستندات تفاصيل مشروع المدينة السكنية المخصصة لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم وتشير إلى تجاوزات جسيمة في إجراءات تخصيص الأرض والبناء عليها مما يفتح باب التساؤلات حول شرعية ما تم ويضع المشروع تحت مجهر التحقيق والمحاسبة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى